دور إعادة التأمين في ترشيد معايير الملاءة المالية لقطاع التأمين الإسلامي - بقلم / د. محمد فوزي

د. محمد فوزي
مما لاشك فيه أن إعادة التأمين أصبحت من أهم التحديات القوية التي تواجه التجربة الإسلامية للتأمين، وذلك لأنه من جانب لا توجد شركات إعادة تأمين إسلامية كافية من ناحية (الكم - الحجم) عالميا، إذ لا يتجاوز عدد شركات إعادة التكافل حاليا ما بين (35-40) شركة عالميا، لذلك أوصت كل الأبحاث والدراسات في صناعة التأمين الإسلامي لإقامة شركات إعادة تأمين تكافلية كبيرة وقوية حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي بأكمله من الاستغلال ومن مخالفته لمبادئه الشرعية، بالإضافة إلى أن الافتقار لهذه الشركات الإسلامية قد يسبب الحد من نمو وتنمية قطاع التأمين الإسلامي برمته ومن الجانب الآخر فإن استقرار شركات التأمين التعاوني والاستمرار في أداء عملها على الوجه الأكمل يرجع الدور الكبير الذي يلعبه نشاط إعادة التأمين في هذه الشركات (إسلامية – تجارية)، حيث إن إعادة التأمين بمثابة صمام الأمام للمحافظة على حقوق المؤمن لهم والملاك والمساهمين ويحافظ على استمرارية واستقرار نتائج الاكتتاب الأولي والنهائي، فضلا عن مساهمته في المحافظة على استقرار وتقوية الملاءة المالية لهذه الشركات، ونظرا لأهمية إعادة التأمين للمؤمن المباشر فإن الإشراف على اتفاقيات إعادة التأمين يعد أهم الأدوار التي تقوم بها جهات الإشراف والرقابة على التأمين، حيث تضع التشريعات والاشتراطات واللوائح التنظيمية والقانونية لتنظيم هذه الاتفاقات ولعل من أهمها ضرورة حصول معيدي التأمين على تصنيف عالٍ لملاءته المالية، الأمر الذي ينعكس على استقرار الملاءة المالية للمؤمن المباشر (شركات التأمين الإسلامية) ويساعد على تنمية القطاع وتحقيق نموه والاقتصاد الكلي العام ولذلك فالتقرير يشمل دورة في ترشيد معايير الملاءة المالية حسب التالي: 

أولا: إعادة التأمين التكافلي 
تمثل إعادة التكافل أحد العناصر الرئيسية لحماية الأصول وموجودات شركات التكافل وتعظيم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها وفي هذا الإطار تقوم هذه الشركات بتأمين أنشطتها المختلفة من خلال مجموعة من الاتفاقات مع شركات إعادة التكافل وشركات إعادة التأمين التجارية أيضا وذلك لعدم توفر البدائل الإسلامية أو لضعف قدرتها الاستيعابية ووفقا لقاعدة الضرورة. 


ثانيا: دور إعادة التأمين في صناعة التأمين 
عملية إعادة التأمين هي توزيع المخاطر بين عدد شركات التأمين التي تسمي (معيدي التأمين) بدلا من أن تتحملها شركة تأمين واحدة، فإعادة التأمين لها دور مهم وحيوي في صناعة التأمين الإسلامي، لأنه بموجبها تستطيع أن تقبل جميع الأخطار التي تعرض عليها مهما بلغت قيمتها دون التعرض لأي خسائر مالية أو إفلاس، فإعادة التأمين تحقق التناسق بين الأخطار التي لم يكن في استطاعته تأمينها، بالإضافة إلى كونها تعمل على توزيع المخاطر التأمينية بشكل متجانس. 

ثالثا: مفهوم هامش الملاءة المالية لشركة التأمين 
من الناحية المحاسبية يمكن تعريف هامش الملاءة المالية في شركة التأمين الإسلامية بأنه يمثل القدرة على امتلاك الأموال الكافية لمقابلة الالتزامات المالية وذلك عن طريق دفع المطالبات من الدخل الخاص بالأقساط الجديدة حتى لا تعرض الشركة أصولها للوفاء بالتزاماتها أو ودائعها الاستثمارية وذلك طوال مدة سريان الوثائق المسجلة لديها. 

رابعا: العوامل المؤثرة على الملاءة المالية 
من المهم جدا أن تطبق شركات التأمين مبدأ الإفصاح في قوائمها المالية وتقاريرها المحاسبية والإدارية الدورية (ربع - نصف - سنوية) وبصورة خاصة في مجال إيراداتها ومصاريفها، حيث إن صناعة التأمين تؤدي دورا أساسيا للمحافظة على الثروات الاقتصادية والممتلكات، بما يضمن تعويض الخسائر المادية التي تلحق بالاقتصاد والمجتمع عموما وتوفير التعويض المناسب للمنشآت الاقتصادية حال تضررها
. 

خامسا: إدارة مخاطر انخفاض الملاءة المالية 
تتعرض شركات التأمين دوما لمخاطر انخفاض الملاءة المالية وذلك في حالة اضطرارها لتسييل جزء من أصولها أو الاستعانة بالودائع المتوفرة لدى المصارف لمجابهة المطالبات وبالتحديد في بعض الفروع التأمينية التي تمتص السيولة النقدية كفرع تأمين السيارات مثلا، نتيجة ارتفاع أسعار الصرف الأجنبي وتأثيره على قطع الغيار وارتفاع قيم الصيانة والأجور ومن الآثار الأخرى المؤدية إلى انخفاض الملاءة المالية وزيادة مخاطرها هو الدخول في تغطية مخاطر تأمينية دون دراسة وافية، واحتياطات كافية لدرء المخاطر وتحديد السعر الحقيقي للتكلفة، خاصة فروع أنشطة التأمين الطبي والزراعي مثلا، ومن الناحية المحاسبية والإدارية الأخرى، فضعف إدارة التحصيل في القيام بواجباتها يؤدي لتضخم حجم المديونيات بصورة كبيرة، يواجهه التزام الشركة الدائم بمسؤوليات التعويض لكل الأطراف المستحقة.

سادسا: تطبيقات ترشيد الملاءة المالية 
فلسفة إعادة التكافل تقوم على أساس المشاركة بين كل من شركات التأمين التكافلي وإعادة التأمين التكافلي في توزيع وتفتيت المخاطر بينهما، فشركات التكافل لديها قدرات استيعابية محددة مرتبطة بحجم رأس المال والاحتياطات الفنية والقدرات المالية والإدارية المحدودة ومرتبطة بطبيعة نشاطها وأسواقها المحلية، فلا تستطيع شركة تأمين أو إعادة تأمين (تكافلي - تجاري) واحدة تغطية مبالغ ومخاطر التأمين كبيرة الحجم، كالبواخر والطائرات والمشاريع الهندسية القومية أو حتى مصافي النفط والغاز وإلا ستتعرض لخسائر مالية تؤدي للإفلاس ومعه يتهدد ضمان وحماية حقوق المستأمنين الآخرين من المحافظة عليهم وهو من صميم أهداف عملية التأمين، لذلك تتجه شركة التأمين عموما للمعالجة والوقاية من مخاطر انخفاض الملاءة المالية. 

سابعا: دور إعادة التأمين للمحافظة على معايير الملاءة المالية لقطاع التأمين التكافلي
عمليات إعادة التأمين توفر لشركات التأمين المباشر سعة اكتتابية إضافية، من خلال السماح لها بقبول المزيد من الأخطار واكتتاب قدر أكبر من الأعمال دون اللجوء لزيادة رأسمالها، حيث إن معيدي التأمين يعتبر أحد مصادر التمويل لشركة التأمين المباشر، إلا أن إعادة التأمين في الوقت نفسه لا تعفي شركة التأمين من مسؤولياتها تجاه حملة الوثائق، فإن إلزام وتطبيق شركات التأمين الإسلامية لمعايير الملاءة المالية وضرورة اعتماد سياسة استثمارية جديدة تراعي الشروط الفنية والموضوعية للعملية التأمينية الناجحة، وذلك لأن أقساط التأمين هي المورد الأساسي لدخل هذه الشركات، ولأن سياسة الاكتتاب المدروسة فنيا وموضوعيا، هي التي تمكن من تقلل احتمالات تورط الشركة في تعويضات كبيرة، لذا فمن الضروري الاهتمام بموقف شركات التأمين من حيث ملاءتها المالية، ضمانا لحقوق حملة الوثائق ووضع اشتراطات مهمة ومالية وقانونية وفنية وإدارية. 

تعليقات