الطبيعة القانونية لتجديد عقود التأمين وواجب الإفصاح عن الحقائق الجوهرية - بقلم / أسامه محمد رفعت

 يحدث أحياناً التباس عند إستخدام كلمة  " تجديد " ينتج عن الاعتقاد السائد بأنه بعد التجديد تظل إتفاقية إعادة التأمين سارية لمدة إضافية ، ولكن هذا المفهوم غير صحيح من الناحية القانونية.


الطبيعة القانونية للتجديد :

إن الأثر القانونى لتجديد إتفاقية إعادة تأمين هو إنهاء سريانالإتفاقية السابقة وإستبدالها بإتفاقية جديدة تماماً . ويظهر الإلتباس هنا نتيجةأن شروط كلتا الإتفاقيتين قد تظل كما هى أحياناً ويتعامل الأطراف كأن شيئاً لميحدث.

ومع ذلك فإن القانون يعتبر كلا الإتفاقين قائمين تماماً بذاتهما ،وإن هذا الإعتبار يعنى إعادة سريان مبدأ منتهى حسن النيه بالنسبة للشركة المسندةأثناء مفاوضات التجديد . ويتبع ذلك أن مفاوضات التجديد التى تجرى أثناء إتفاقيةإعادة التأمين تتعلق فقط بسنة الإكتتاب التى سيتم تجديدها وليس سنة الإكتتابالسارية.


أقرت المحاكم الإنجليزية أنه فى حالة فشل الشركة المسندة فى الإلتزام بواجب منتهى حسن النيه أثناء المفاوضات المتعلقة بالإتفاق الجديد ونتج عن ذلكإخفاء أو تحريف حقائق جوهريـة (سواء غير مقصود أو متعمد) عن معيد التأمين ، فإنالإتفاق الجديد قد يعامل كإتفاق قابل للإلغاء من جانب معيد التأمين ولكن ليس هناكأى تأثير لذلك على الإتفاق السارى وتسوى المطالبات المتعلقة به بالطرق المعتادة.

قد تتضح هذه النقطة من خلال المبدأ القانونى القائل بإنتهاء إلتزامالشركة المسندة بواجب منتهى حسن النيه بعد إتمام العقد مباشرة ويسرى الإلتزام مرةأخرى فقط عند إعتزام الأطراف إبرام عقد جديد . وبسبب عدم وجود إستمرارية لواجبمنتهى حسن النية فإن تقديم أية بيانات مخادعة لأغراض التجديد ليس له أى تأثير علىالتغطية السارية.

قد يوجد بالطبع بعض عقود إعادة التأمين التى تتسم بطول المدة ( ثلاثسنوات كمثال ) والتى توضح قابلية إلغاءها من جانب أى من الطرفين فى نهاية السنةالأولى أو السنة الثانية. وهنا نجد أنه يعتبر تضليلاً الإشارة إلى قرار معيدالتأمين بعدم الإلغاء بأنه يعادل أو يصل إلى درجة " التجديد " بمعنى أنقرار عدم الإلغاء يعنى أن إتفاق إعادة التأمين يظل سارياً كما كان فى السابق وأنهلا يوجد شئ للتجديد.

من الشائع أنه عندما يواجه السماسرة الذين يمثلون الشركة المسندة مثلهذا النوع من العقود يلجأون لإعداد عرض لتقديمه إلى معيد التأمين فى الفترة ما قبلإنتهاء المدة السنوية للتأكد من عدم رغبة معيد التأمين فى إستخدام حقه فى الإلغاء، مثل ذلك العرض قد يكون مشتملاً على كافة المعلومات مثله مثل التجديد.

لم تتعامل المحاكم الإنجليزية حتى الآن مع الآثار القانونية الناتجةعن تقديم البيانات المضللة أو إخفاء معلومات فى مثل هذه المفاوضات ولكن المبادئالعامة تشير إلى أنه عند ظهور كافة الحقائق السليمه فإن قرار عدم الإلغاء لا يمكنأن يتم إبطاله أو إلغاءه من جانب معيد التأمين .

وفى الحقيقة فإن كان ما يمكن أن يأمل فيه معيد التأمين هو المطالبةبالتعويض ضد السمسار أو الشركة المسندة فى حالة وجود تدليس أو تقصير فى تقديمالبيانات التى دفعت بمعيد التأمين إلى قرار عدم الإلغاء .

إما إذا تم ببساطه حجب لبعض حقائق جوهرية فإنه ليس من حق معيدالتأمين حتى المطالبة بالتعويض لأن القانون لا يقر أى مسئولية عن الإخفاق فىالإفصاح عن الحقائق الجوهرية عند إرسال البيانات فى هذه الحالة لأنها غير ملزمة.


الحقائق الجوهرية والدافع عندالتجديد:

·   بإفتراض وجود عقد جديد قديتم إبرامه بين الطرفين ويكون ذلك العقد تالياً لإنتهاء التغطية السارية فيحقلمعيدى التأمين الإستفادة من واجب منتهى حسن النية من جانب الشركة المسندة وعلىذلك فيجب على الأخير الإفصاح عن وعدم تحريف الحقائق الجوهرية.

·   وعليه فإذا حدث أى إنتهاكلهذا الواجب فيحق لمعيد التأمين أن يعامل العقد الجديد كأن لم يكن على الرغم منالعبء الواقع على معيد التأمين فى إثبات ان مثل هذه الحقائق جوهرية كونها من جانبقد أثرت فى قرار الإكتتاب من جانب مكتتب حذر ومن جانب آخر فى طريقة عرض الشركةالمسندة التى لعبت دوراً فى قرار معيد التأمين بالتجديد.

ونلاحظ هنا وجود إختلافطفيف بين النقطتين أعلاه فنجد أنه من الممكن تبرير النقطة الأولى وهى موضوعيةبإثبات أن السوق عامة لديه إهتمام بحقائق معينة يجب الإفصاح عنها بغض النظر عنإمكانية إتخاذ أى قرار آخر فى ظل وجود الإفصاح الملائم ProperDisclosure) ) .

أما بالنسبة للنقطة الثانيةوهى شخصية فتظهر فقط عند إستطاعة المكتتب إقناع المحكمة أن قرار التجديد قد تأثرإلى حد معين بطريقة عرض الخطر أى أنه كان هناك تضليل فى طريقة عرض الخطر ونتج عنهذا التضليل إتخاذ معيد التأمين القرار بالتجديد.

يجب أن يؤخذ فى الإعتبار أنلكل مشترك فى إتفاقية إعادة تأمين عقد منفصل مع الشركة المسندة وبالتالى يحق لكلمنهم التمتع بواجب الإفصاح من جانب الأخير عند التجديد. على أنه من الممكن وجودمكتتب رائد قد تم تفويضه وإعطاؤه السلطة للتفاوض أثناء التجديد ويقوم ذلك الرائدبإستلام المعلومات بالنيابة عن السوق بأسره ، فإذا لم يكن هناك نص على ذلك فيجب أنيتم الإفصاح للجميع ، ويوجد أحكام قضائية حديثه تشير إلى أنه إذا تم تقديم بياناتخاطئة للمكتتب الرائد فمن الممكن إفتراض أن باقى المشتركين قد إعتمدوا جميعاً علىذلك العرض ويحق لهم الفسخ كل على حده.

الحقائق الجوهرية عند التجديد :

قامت المحاكم الإنجليزية فىقرارات حديثه لها بتوضيح طبيعة الحقائق الجوهرية المتعلقة بإعادة التأمين. يجب علىالشركة المسندة عند التجديد الإفصاح عن :-

·   أيـة تغييرات جوهريةبالنسبة لنطاق التغطية متضمناً الأشخاص ، الأنشطة والمواقع الجغرافية المؤمن عليها، وفى حالة ما إذا كان العقد فى صيغة Declarationفيجب توضيح ما إذا كانت الإتفاقية إجبارية (Obligatory) أمغير إجبارية (Non Obligatory) .

·        إحصائية تشتمل علىالتعويضات التى وقعت خلال سنوات الإكتتاب السابقة لسنة الإكتتاب التى يتم تجديدها.
·        هوية سائر المشتركين فىالخطر.
·        مقدار القسط المدفوع للشركةالمسندة فى حالة ما إذا كان يشكل أساساً لحساب القسط المتعلق بإعادة التأمين.

·   إجراءات تناول المطالباتمتضمنة سياسة الشركة فى تقدير الإحتياطيات المحتجزة إلى المدى الذى قد تحيد فيهالشركة المسندة عن الإجراءات المقبولة للسوق (Accepted Market Procedures).
·        أى إعتذار عن تجديد التغطيةمن جانب أى من المشتركين.

ذلك وقد تم إقرار أنه لا يوجد ضرورة للإفصاح عن الحقائق التالية:-

·        أية قرارات من جانب الشركةالمسندة تسعى من خلالها للحصول على إعادة تأمين منفصل لتغطية إحتفاظها.
·        أساس وكيفية حساب العمولةالإضافية.
·        الإشاعات المجردة التىتتعلق بإمكانية ظهور مطالبات مستقبلية ضد الشركة المسندة مما قد يؤثر على حدإحتفاظها.
·        الإفصاح المقتصر علىالمعرفة والدراية:

إذا قامت الشركة المسندةبتقديم بيانات خاطئة عن حقيقة جوهرية وقد مثل ذلك دافعاً (Inducement)لمعيد التأمين فمن حق الأخير فسخ الإتفاق المجدد ، ولا يعتد به كدفاع قول الشركةالمسندة بأن البيان المذكور كان يعتقد أنه صحيح فالقانون لا يفرق بين تقديمالبيانات الخاطئة سواء عن جهل ، تقصير أو تدليس.

وبالتباين فإذا سعى معيدالتأمين إلى الإستناد إلى عدم الإفصاح عن حقيقة جوهرية فدراية الشركة المسندة تصبححاسمة حيث أقر القانون أنه يجب على الشركة المسندة الإفصاح فقط عن الحقائق التىتعلمها أو التى يجب أن تعلمها من خلال ممارستها لهذا النوع من الأعمال.

وعلى ذلك فليس على الشركةالمسندة إتخاذ أية إجراءات تحققيه لتحديد ما إذا كان هناك أية حقائق جوهرية يجبالإفصاح عنها .

وجدير بالذكر أن الشركةالمسندة التى تكون على دراية بحقائق معينه ولكنها أخفقت فى الإفصاح عنها لإعتقادهابأنها ليست جوهرية لا يمكن أن تستند إلى إخفاقها فى تقدير هذه الجوهرية ، فالقانونيركز على مدى دراية الشركة المسندة بتلك الحقائق وليس تقييمها لمدى جوهريتها.

إذا رغب معيدى التأمين فىحماية أنفسهم ضد عدم الإفصاح عن حقائق معينة قد تكون ذات أهمية لهم فيجب عليهمتوجيه أسئلة مناسبة ، فعندها تواجه الشركة المسندة سؤال صريح ومباشر يكون منواجبها فى هذه الحالة التحقق من ذلك الأمر قبل الإجابة لأن الإجابة الخاطئة فى هذهالحالة من شأنها أن تجعل العقد قابل للفسخ.

وعلى ذلك يجب توخى الحرص فىصياغة الأسئلة لأن القانون يقر أن السؤال الذى يطرح فى صياغة محدودة RestrictedForm من شأنه أن يعفى الشركة المسندة من أيةمسئولية للإفصاح عن الحقائق التى تقع خارج نطاق السؤال والتى من الممكن أن تكونجوهرية.

دور السماسرة :

تتم تجديدات إعادة لتأمينفى الواقع العملى بواسطة السماسرة ، ولذلك فإن مسئولية الإفصاح بالنسبة لهم تكونذات أهمية كبيرة.
أنه من الثابت الآن أنالسمسار يدين بواجبات مستقلة تجاه معيد التأمين لتجنب تقديم أية بيانات جوهريةخاطئة أو مضللة وللإفصاح عن الحقائق الجوهرية.


يجب على السمسار مثله فى ذلك مثل الشركة المسندة أن يفصح عن جميعالحقائق الجوهرية التى هو على دراية بها حتى إذا لم تصل هذه الحقائق إلى علمالشركة المسندة ، على الرغم من أنه قد يبدو أنه ليس على السمسار الإفصاح عنالمعلومات التى نمت إلى علمه خارج نطاق واجبه نحو الشركة المسندة ، وإذا حدث أىإنتهاك لهذا الواجب من جانب السمسار فيحق لمعيد التأمين فسخ العقد كما لو كان هذاالإنتهاك من جانب الشركة المسندة ذاتها.


أما إذا اختار معيد التأمين عدم الفسخ واستمراره فى الدفع ، فله حقرفع دعوى والرجوع بالتعويض ضد السمسار على أساس تحريف البيانات بشكل تقصيرى أوتدليسى ، ذلك على الرغم من عدم وجود وأية مسئولية تعويضية على السمسار فى حالة ماإذا كان البيان الخاطئ للسمسار بالكامل عن جهل " Entirely Innocent "أو كان خطأه هو الإخفاق فى ذكر أى شئ إطلاقاً  " Failure to say anything" ، والأمر متروك لمعيد التأمين والشركة المسندة لتحديد مدى خطر خطأ السمسارفيما بينهم.

إقرار صحة البيانات "Truth of statement"وفقرات مرادفة قد تم قياسها مؤخراً فى المحاكم الإنجليزية ، وقد تبع ذلك أنالمحاكم فى طريقها لإقرار شرط يسعى لإنهاء حق معيد التأمين فى فسخ العقد أومطالبته بالتعويض ضد السمسار فى حالة وجود تحريف فى البيانات أو عدم إفصاح من جانبالأخير. وبالنسبة لهذا المبدأ فإنه حتى الآن يعتبر غير واضح ما إذا كان من حق الشركة المسندة المطالبة بإعفاء نفسها من المسئولية الناتجة عن تحريف البياناتالتدليسى من جانب السمسار.

إعداد : أسامه محمد رفعت
مراجعة وتعليق : حامد محمود
مجلة الحارس ، العدد 93 - يوليو 2004

المصـــــــــادر:

" The Review " Produced inAssociation with Barlow Lyde & Gilbert
LegalGuide to the renewals season 2003 - By : Rob Merkin



 --------------------------------------

تعليق الأستاذ حسين السيد :

أغفـل الكاتـب عنـد إعطائه مثـال لبعض العقود التى تسبب لبس ،الإتفاقيات ذات الطبيعة الإستمرارية Continuous Treatyوالتى تشتمل على شرط إمكانية قيام أى من الطرفين بإرسال إخطار بالإلغاء المؤقت Provisionalnotice of cancellation حيثيقوم بعض السماسرة بإرسال بيانات قبل ميعاد الإخطار بالإلغاء المؤقت وذلك لترغيبمعيدى التأمين فى عدم إرسال الإخطار بالإلغاء المؤقت.

وعلى الرغم من عدم تعامل المحاكم الإنجليزية حتى الآن مع هذا الموقفإلا أن المتعارف عليه حتى الآن هو عدم إعتبار البيانات والترغيبات التى يرسلهاالسماسرة قبل إتخاذ معيدى التأمين بقرار الإستمرار أو الإلغاء المؤقت بمثابةتجديد.

وهنا يثار التساؤل هل من المفيد لمعيدى التأمين إرسال إخطار بالإلغاءالمؤقت لحفظ حقهم فى الحصول على شروط وإحصائيات تأخذ الصبغة القانونية كتجديدولضمان حقهم فى الإلغاء النهائى أو تعديل الحصة؟.

 --------------------------------------

تعليقات