المدير التنفيذي لأكبر مجموعة تأمينية في قطر يتهم الشركة الوطنية للتأمين بتعزيز الإحتكار

خليفة عبدالله تركي السبيعي
اعتبر خليفة عبد الله تركي السبيعي - الرئيس التنفيذي لمجموعة قطر للتأمين أن الشركة الوطنية للتأمين الصحي تعزّز الاحتكار بدلًا من كسره. كما أنها تعرقل جهود القطاع الخاص التي توفر مثل هذا النوع من الخدمات منذ فترة طويلة. 
وقال في رد على عدد من الأسئلة طرحتها الراية الاقتصادية عليه حول بدء تطبيق المرحلة الثانية التي سيتم خلالها تغطية جميع المواطنين من الجنسين في جميع الأعمار، وانضمام مزودي الخدمات للشبكة التابعة لنظام التأمين الصحي - وخروج التأمين الخاص من المنظومة وتصريحات المسؤولين بالشركة الوطنية للتأمين الصحي مؤخرًا بشأن نتائج الدراسة المسحية وتعبير المنتفعين في المرحلة الأولى عن رضاهم عن مستوى الخدمات.

وقال: إنها تصريحات تدعو إلى الدهشة والاستغراب .. كما أنها تتعارض مع أبسط القواعد الاقتصادية، وتُخالف الرؤية المستقبلية للبلاد .

وتساءل السبيعي في رده: أين العمل على كسر الاحتكار وتوفير أجواء التنافس ؟ أيكون ذلك بإنشاء شركة حكومية تحتكر تقديم التغطيات التأمينية للخدمات الصحية ؟، وأين تشجيع القطاع الخاص وإزالة ما يعترضه من معوِّقات؟. وهل يكون ذلك بإخراج شركات تأمين القطاع الخاص من منظومة التأمين الصحي؟ أو بتكليف مزودي الخدمات الصحية بالقطاع الخاص بامتلاك نظام الترميز؟.

واستطرد بالقول: أرجو أن يسأل المختصون بالمجلس الأعلى للصحة أنفسهم عن الوقت الذي استغرقته والتكلفة التي تحمّلتها مؤسسة حمد الطبية، لامتلاك هذا النظام - وهو الأمر الذي لا يتمكن معه العديد من مزودي الخدمة بالقطاع الخاص من تحمّل تكلفته، وبالتالي سيخرجون أيضًا من منظومة التأمين الصحي... هل هذا هو مفهومنا لتشجيع القطاع الخاص ؟.

رقابة جودة الخدمات

وانتقد السبيعي المجلس الأعلى للصحة مؤكدًا أن الأوراق اختلطت لديه، لأنه، مع الأسف الشديد، بدلاً من التركيز على دوره الإشرافي والرقابي والتأكد من شمولية التأمين الصحي لجميع المقيمين على أرض الوطن وتمتعهم بالخدمات الصحيّة المناسبة وممارسة مهامه الأساسية في التأكد من جودة وكفاءة وملاءمة الخدمات الصحيّة المقدّمة من المستشفيات والعيادات - سواء كانت حكومية أو قطاع خاص - وتشجيع القطاع الخاص على التوسّع في الاستثمار في مجال الرعاية الصحية، وإحكام الرقابة على جودة الخدمات الصحيّة ومقدّميها من خلال الخبرات الفنيّة الملائمة، نجد أنه أقحم نفسه في نشاط لا يفترض أن تمارسه جهة حكومية، حيث أصبح المجلس يحتكر إصدار وثائق التأمين الصحي وتحصيل الأقساط وتغطية المطالبات، واضطره ذلك إلى الاستعانة بجهات خارجية نظرًا لعدم وجود المختصين لديه - وهو ما يزيد من الأعباء المالية على موازنة الدولة للرعاية الصحية.

وقال: إنه رغم أن المجلس الأعلى للصحة ساهم بجهود كبيرة يُشكر عليها في إعداد نظام التأمين الصحي الاجتماعي تنفيذًا للاستراتيجية الوطنية للصحة التي تقضي بضرورة توفير برنامج للرعاية الصحية يتسم بالجودة العالية والكفاءة والتكاليف المنخفضة، إلا أنني أعتقد أن التوفيق قد خان المجلس الأعلى للصحة حين رأى أن الآلية الوحيدة لتنفيذ نظام التأمين الصحي هي من خلال إنشاء شركة حكومية تكون المسؤول الوحيد عن تقديم التغطية التأمينية للخدمات الصحية الأساسية.

النظام الإلزامي

وحول ما يقال عن أن نظام التأمين الصحي الإلزامي، أجاز لشركات تأمين القطاع الخاص تسويق وبيع وثائق تأمين خاصة بالخدمات الصحية الإضافية، كما أجاز أيضًا لمقدمي الخدمات الصحية تقديم هذه الخدمات - فإني أرجو النظر إلى قائمة الخدمات الصحية الأساسية التي تم نشرها بالجرائد المحلية يوم 27/4/2014م - فقد حَوَتْ هذه القائمة جميع الخدمات الصحية الممكنة ولم تترك خارج القائمة سوى الخدمات الصحية غير الضرورية طبيًا والتي يكون من الصعب تغطيتها تأمينيًا ــ اللهم فيما عدا العلاج خارج البلاد .

وأشار السبيعي إلى أن المجلس الأعلى للصحة أضاف لنفسه استحقاقات أخرى غير واجبة مثل الإشراف والرقابة على نشاط التأمين الصحي في شركات التأمين العاملة بالدولة ومنح تراخيص لهذا النشاط أو إيقافها، علمًا بأن هذه الشركات بعضها يخضع للإشراف والرقابة من قبل مصرف قطر المركزي والبعض الآخر يخضع لإشراف ورقابة مركز قطر للمال، وهذا يولّد نوعًا من التعارض في الاختصاصات - ويضيف مزيدًا من العقبات أمام شركات التأمين في القطاع الخاص.

كما أن مقدمي الخدمات الطبية من القطاع الخاص سيكونون مجبرين على التعامل مع النظام وبالأسعار التي تحددها، حيث إن الجهة التي تُصدر لهم الترخيص هي نفسها الجهة التي تُحدّد الأسعار .. وبالتالي سيحاولون الابتعاد عن توظيف أو استقدام التخصصات الطبية عالية المستوى نظرًا لتكلفتها العالية تاركين هذه التخصصات للقطاع الحكومي الذي سيعاني ضغطاً شديداً عليها ينتج عنه زيادة فترات الانتظار.

النتائج المسحية

وعن النتائج المسحِيَّة التي تمّت بواسطة جهاز الإحصاء، والتي أظهرت مستوى عالياً من رضاء مستخدمي النظام كما جاء بالتصريحات، فإني كنت أتمنى أن توضح لنا نتائج المسح نسبة من استخدموا النظام - ونسبة من فضَّلوا تلقِّي الرعاية الصحية خارج النظام، سواء من خلال التغطية التأمينية المتوفرة لهم من القطاع الخاص أو من خلال سداد تكلفة الرعاية الصحية مباشرة إلى أطبائهم المختارين أو ما يمكن تسميته (طبيب العائلة).

وطالب السبيعي المسؤولين والمختصين الذين يتابعون هذا الموضوع أن يعيدوا دراسة جوانبه المختلفة =.. من خلال دراسة ما هو دور المؤسسات والجهات الحكومية، هل دورها هو الإشراف والرقابة والتأكد من وصول الخدمات إلى المواطنين والمقيمين بالمستوى اللائق ؟ أم أن دورها هو مخالفة توجهات الدولة وقتل السوق الحرة والقضاء على مبدأي المنافسة الصحية والاقتصاد المفتوح، وإلغاء الدور المهم للقطاع الخاص كشريك رئيسي في التنمية .

واكد أن هذا الوضع إذا استمر ــ فلا نستبعد أن تُنشئ وزارة الداخلية شركة تحتكر تأمين السيارات، وتُنشئ هيئة الأشغال العامة شركة تحتكر تأمين المقاولات، وتُنشئ وزارة العمل شركة تحتكر تأمين العمال ..وهكذا .

وأكد السبيعي أنني هنا لا أتحدّث عن شركة قطر للتأمين فقط - ولكن أتحدث عن قطاع التأمين القطري ككل - وهو قطاع ساهم، وسيظل يساهم بإذن الله تعالى في توفير الحماية والأمان للوطن والمواطنين وللاقتصاد القومي للبلاد ــ ذلك القطاع الذي يمتلك المواطنون القطريون أكثر من (95%) من رأسمال شركاته الوطنية التي تبلغ حقوق مساهميها الآن أكثر من (11.5) مليار ريال قطري .

وأضاف بأن إيرادات هذه الشركات تمثل جزءًا لا يستهان به من الدخل القومي للبلاد، وأرباحها تكفل العيش الكريم للعديد من العائلات التي تعتمد على الاستثمار في أسهم شركاتها الوطنية في مختلف القطاعات .

تعليقات