التأمين .. وحدود البيئة المنظِّمة - أحمد العبيدلي

بيوم التأمين السنوي أشار رئيس جمعية التأمين البحرينية يونس جمال لنجاح الجمعية في نشر الوعي بأهمية التأمين في حياة الأشخاص. وغيّرت نظرة الجمهور للتأمين من كونه حماية ضد سلبيات أحداث مؤسفة، لاستثمار واسع لتحقيق التطلعات
وإذ يؤكد أن الطريق بأوله، يشير مثلاً إلى أنه يمكن لتأمين صحي أن يغطي نفقات التمريض المنزلي وأكثر؛ ويوفر تأمين المنزل حماية لخدم المنازل ومحتوياته وباختصار فـ (التأمين ... يمكّن من العيش بطمأنينة). 
بدوره يعتقد المدير التنفيذي لرقابة المؤسسات المالية بمركزي البحرين عبدالرحمن الباكرأن التأمين يقدم منافع كبيرة بكلفة قليلة نسبيا.
كنا أين وأصبحنا أين! كانت بضاعة التأمين سلعة كاسدة، يختلط بها سوء فهم ديني عن القضاء والقدر وعدم الرغبة في التدخل في مشيئة الخالق بممارسات مدنية حديثة. وكادت وكالات التأمين أن يقتصر نشاطها على التأمين على السيارات الذي دخل البلاد مبكراً منذ خمسينيات القرن الماضي.

وتوجب على المصاب بفقدان العمل أو الحياة أن يتطلع، هو أو أهله، للعائلة أو لفاعلي الخير وأحياناً للدولة للمساعدة لتدبر الأمر. تغيرت أمور وأبرزها وصول المجتمع لمستوى من الوفرة بحيث يمكنه من الاستثمار اجتماعياً للتأمين على أفراده. وبدفع أفراد منه لأقساط صغيرة للشركات يضمنون لأنفسهم الحصول على تعويض يقلل من خسارتهم، ويتيح لهم المواصلة والاستقرار.

برز أمران من بين أسباب عدة وراء هذه التطورات: أولها: ولادة التأمين الإسلامي، والثاني، وأمام اتساع الاقتصاد بشكل غير مسبوق جاذباً عمالة أجنبية بأعداد هائلة، رؤية الحكومات مصلحة في تحميل الشركات المُوظّفة مترتبات ذلك التطور. وفيما يخص الأول، أزال التأمين الإسلامي أي قلق ديني من وجود موانع إزاء ممارسته. وكما قضت الصيرفة الإسلامية على شبهة ممارسة الربا، أزال تأمين التكافل مخاوف أخرى. وأرادت الحكومة بدورها ضمان ألا تواجه أي مستتبعات لحوادث العمل، أو بطالة العامل المحلي.
وتضافر ذلك مع ازدياد المداخيل والثروات، مما رفع مستوى العيش، وازدادت متطلبات الحياة.
وفي كل ذلك كان للمصرف المركزي دور المنظم لممارسة هذه الأنشطة. ويبقى من المهم في سعي الأخير لإيجاد الأطر القانونية لعمل شركات التأمين، ألا يطلب الكثير فتشيخ الصناعة قبل أن تبلغ مرحلة النضج. فمن بين أسباب الأزمة الاقتصادية الأخيرة هو أن بعض الدول الغنية، قد كبّلت ولا تزال تكبل عالم المال والأعمال بقدر هائل من القوانين والشروط فأعاقت خلايا الاقتصاد من الالتزام بها وبمتطلباتها. وبينما كانت مؤسسات مشابهة في الأسواق الناشئة تزدهر كانت شبيهاتها في الغرب تتعرقل بالنظم وتضيِّق عليها القوانين.
وليس هناك من طبخة جاهزة تلبي سائر المطالب وتضمن النجاح. ولم تعد مصادر تلك الطبخات سابقاً، وهي عواصم المال بالغرب، بقادرة على تلبية تلك الرغبات. ولربما أزف الوقت لأسواق الخليج أن تشب عن الطوق، وتتسلم المبادرة، وتتفادى شيخوخة مبكرة، ولكل مجتهد نصيب.

تعليقات