حماية الشركات غير القابلة للحياة مهلكة للاقتصاد - جون كاي

في الأسبوع الماضي حدد مجلس الاستقرار المالي تسع شركات تأمين دولية على أنها GSifis. وبالنسبة للذين لا خبرة لهم في الاختصارات التي يعشقها المجتمع التنظيمي، GSifis تعني شركة مالية عالمية مهمة لسلامة النظام المالي. والعثور على أسماء شركات من هذا النوع في قطاع التأمين هو حل يبحث عن مشكلة. وبعد اختراع مفهوم GSifis لوصف المصارف التي هي أكبر من أن تفشل، تسعى الأجهزة التنظيمية العالمية الآن للعثور على شركات أخرى يمكن معاملتها بالطريقة نفسها.

في الوقت الذي يصبح فيه عالم الأعمال الحديث أكثر استقلالاً، هناك عدد متزايد من الشركات التي سيكون لها تأثير لا يستهان به في شركات كثيرة غيرها، وهو موضوع طوره بصورة مكثفة باري لين في كتابه Comered.


وتعني العولمة أن الشركة يمكن أن تكون مُركزة محلياً حتى وإن كانت ذات قدرة تنافسية على مستوى العالم. وتعني الاستفادة من مقاولين خارجيين أن سلاسل التوريد تصبح أطول، وأكثر تعقيداً، وغالباً ما تشترك فيها شركات مختلفة في الصناعة نفسها. وفي حين أن إخفاق "جنرال موتورز" يمكن أن تكون له منفعة لا جدال فيها على "فورد"، إلا أن هذه الشركات المتنافسة تعتمد اليوم على بعضها بطريقة لم تكن تخطر على بال ألفريد سلون أو هنري فورد. وأظهر تأثير السونامي في الصناعة اليابانية كيف أن إدارة استخدام المخزون عند الطلب فقط تركت كثيراً من الشركات مكشوفة حين لم تصل المواد في موعدها بالضبط، حتى مع أن عملياتها لم تتأثر بصورة مباشرة بالكارثة.
من هذا المعنى، فإن مزيدا من الشركات في أعمال مختلفة يعتبر الآن مهما من الناحية المنهجية التي تؤثر في النظام بكامله. لكن شركات التأمين لا تقترب من قمة هذه القائمة. ونظام الدفعات الذي تشغله المصارف يقدم منفعة أساسية، مثل شبكة الكهرباء أو الاتصالات إلى درجة أن أدنى اضطراب في الإمدادات يسبب الفوضى. والاضطراب في تزويد المواد الغذائية والوقود يؤدي إلى تعطيل الأعمال والحياة الشحصية خلال بضعة أيام. لكن ليست هناك حاجة ملحة مشابهة لذلك في توافر التأمين. متى شاهدنا طابوراً مهتاجاً خارج إحدى شركات الوساطة التأمينية، أو رأينا أناسا مذعورين يتدافعون لشراء التأمين؟ وبالمقارنة مع سلاسل التوريد الطويلة اللازمة لوضع الطعام على موائدنا، والوقود في سياراتنا، أو تمكين سياراتنا من أن يتم تجميعها أصلاً، فإن سلسلة التوريد لشركات التأمين تبدو غير معقدة ولا مثيرة للقلق.
نحن بحاجة إلى أن نضمن إمكانية حل الشركات الكبيرة حين تخفق بأقل قدر من الأضرار على بقية الاقتصاد. وقد تم تحقيق ذلك على أفضل ما يمكن في أجزاء من قطاع المنافع، حيث توجد إجراءات لتأمين التزويد المستمر للوظيفة إلى جانب حل الشركة الفاشلة.
ويجب أن يكون المبدأ الأساسي هو أنه حين تخفق شركة ما، ينبغي أن يخسر المساهمون أموالهم بالكامل، وأن يطرد كبار المديرين، وأن يكون هناك توزيع مناسب لأصول الشركة المنهارة بين مختلف الدائنين. ولا بد أن يشتمل هذا التوزيع على مطالب حقوق الملكية والكفاءة، وينطوي هذان الاعتباران على أن الذين ربما كان من المتوقع منهم أن يكونوا على علم بالوضع الخطير للشركة عليهم أن يتحملوا أكبر قدر من العواقب السلبية لفشل الشركة.
ومن هذا الباب تثير شركات التأمين مشكلة فعلاً، وهي أن من الضروري أن يكون هناك برنامج للتعويض يدار من قبل المجتمع، على نحو يضمن أن يتم التعامل بإنصاف مع الناس الذين لديهم مطالب واجبة الاستحقاق حين تنهار شركة التأمين. ومعظم البلدان المتقدمة لديها الآن هذا النوع من الإجراءات.
وما نحتاجه هو نظام لحل الشركات الكبيرة التي تعمل على المستوى الدولي بصرف النظر عن صناعتها. ويجب أن يحقق هذا النظام توازناً مناسباً بين مطالب الدائنين وحاجات الاقتصاد العالمي. لكن الأمر الذي ليس فقط أننا لا نحتاجه وإنما ينبغي مقاومته بلا هوادة، هو تطوير نظام من الإشراف التنظيمي للشركات الكبيرة يدّعي أنه يقلص أو يزيل إمكانية الإخفاق التجاري لهذه الشركات.
لا تتمتع الأجهزة التنظيمية بالكفاءة ولا بالسلطة السياسية لتطبيق نظام من هذا القبيل، ومحاولتها القيام بذلك ستكون لها نتيجتان: تحجر الصناعات حول الشركات القائمة والاستخدام المتكرر للأموال العامة لمساندة الشركات المعتلة.
وباستثناء صناعة الخدمات المالية لا تفكر الأجهزة التنظيمية حتى في السعي لأن تكون لها وجهة نظر بخصوص الاستراتيجية المناسبة للأعمال في الشركات التي تشرف عليها. وهناك أسباب قوية لذلك، وأي شخص نسي ما هي هذه الأسباب يجدر به أن يتذكر آثار نظام من هذا القبيل في الأداء الاقتصادي لألمانيا الشرقية.

الإقتصادية نقلاً عن الفايننشال تايمز

تعليقات