عمليات التجميل والتأمين الطبي والإحتيال

بعد إجازة طويلة عن العمل دامت حوالي شهرين.. شاهدتها تملكتها الدهشة والاستغراب.. لم تعرف كيف تحرّك لسانها بتلك الكلمات.. غير معقول من أين جاءك هذا الجمال والإثارة وكل تلك الأنوثة الطاغية على وجهك... إنها عمليات تجميل يا غادة.. تبسمت الغادة وهزت رأسها موافقة على كلام زميلتها على أنها أجرت عملية تجميل لكن الدهشة عادت لتسكن وجوه كل من وجد في المكتب فقد كشفت الابتسامة عن مواقع جديدة للجمال. 
كان هذا المشهد صادماً  بالنسبة  لبعض زميلات غادة.. لكن  إحداهن  أصرّت على معرفة  كل تفاصيل هذا الجمال الجديد الذي زين وكلل وجه غادة وجعلها كإحدى نجمات السينما وعندما سألَتها  زميلتها عن التكاليف قالت الغادة: لم أدفع سوى مبلغ زهيد فمعظم  التكاليف  تحملها نظام التأمين الصحي.
وهل تم تعديل نظام التأمين الصحي بحيث يسمح بإجراء عمليات التجميل؟ فقالت الغادة: لا إنه على حاله لكن يمكن الالتفاف على ذلك من خلال علاقات  شخصية وبعض أنواع البخور للمعنيين وهذه الواقعة ليست حكاية من بنات الأفكار أو أسطورة  أو قطعة من فيلم خيالي... بل  هي واقعة حدثت في إحدى المؤسسات الرسمية وتحمل نظام التأمين الصحي تكاليف ثلاث عمليات تجميل تحت عنوان عملية جيوب بالنسبة لتجميل الأنف، أما نفخ الشفاه وشفط دهون البطن والأرداف فقد أجريت تحت مسميات عديدة منها عملية زائدة أو المرارة...

سمعت هذه القصة وتفاصيل أخرى خلال زيارة إلى بيت أختي التي كانت ترويها إحدى الجارات التي تعمل في المؤسسة نفسها التي تعمل بها تلك الغادة..
بعد سماعي بكل التفاصيل وعمليات الالتفاف على نظام التأمين الصحي تذكرت عدد الشكاوى  التي تصلنا إلى الجريدة من الكثير من العاملين في الدولة المشملين بنظام التأمين الصحي والذين  يعانون من أمراض بحاجة إلى  إجراء عمليات جراحية.. لكنهم يضطرون للانتظار أياماً  وأسابيع كي يحين موعد دورهم وما يلاقونه من صعوبات في إقناع المعنيين بحتمية إجراء  العمليات  الجراحية.. وكيف أن أمور عمليات التجميل يتم تسهيلها.
وددت  تثبيت هذه القصة على صفحات  الجريدة  ليس بهدف  كشف تلك الثغرة في نظام التأمين الصحي وإنما الهدف هو تنبيه المعنيين والمسؤولين المباشرين في نظام التأمين الصحي لهذه  الخروقات، فالهدف ليس فضح الناس بل وضع حد للخرق..

صحيفة تشرين الحكومية
ندى الزركي

تعليقات