مشكلة القيمة السوقية للمركبة في السوق السعودية - عيد عبدالله الناصر

في تأمين المركبات تشكل القيمة السوقية للمركبة أهمية خاصة منذ بداية عقد التأمين و خلال فترة سيرانه حتى نهايته لأنها ستغدو بعد توقيع العقد أساس التقييم/التعويض لمشتري التأمين الشامل وهي كذلك مهمة في حالة مطالبات طرف ثالث. وهي مهمة سواء كان ذلك في حالة التلف الجزئي القابل للإصلاح أو في حالة التلف الكلي بأسبابه المختلفة. هذه الورقة تناقش عدة محاور بهذا الخصوص وهي كالتالي:
ما معنى القيمة السوقية للمركبة؟
متى يتم الرجوع للقيمة السوقية في التأمين؟ 
ما هي المشكلة التي يواجهها سوق التأمين السعودي في هذا الخصوص؟
ما معنى القيمة السوقية للمركبة:
هناك مفهومان لابد من التفريق بينهما هنا، الأول يعني القيمة المتفق عليها، وفي هذه الحالة فإنه في حالة المطالبة تستخدم هذه القيمة بدون الرجوع الى أية جهة أخرى. والثاني هو مفهوم القيمة السوقية وهذا هو موضوع هذه الورقة. سوف أقدم هنا بعض التعريفات من مصادر متخصصة في مجال التأمين وكذلك تعريفات لبعض الأخوة الممارسين لهذه المهنة في السوق السعودية لفترة طويلة. كتاب مقدمة في المطالبات (Introduction to Claims ) يعرف القيمة السوقية بأنها: ” السعر الذي يقبل به البائع والمشتري كقيمة للمركبة في سوق مفتوحه وبدون أن يتعرض أي منهما الى ضغوط بغرض عقد هذه الصفقة”.


وموقع www.strattonfinance.com.au عرف القيمة السوقية للمركبة بقوله:”هي القيمة المتوقعة للمركبة عند بيعها في سوق مفتوحة. وهذه القيمة تختلف عن القيمة التجارية أو القيمة التي يقبل بدفعها أحد المشترين، مثل محبي/جامعي السيارات الخاصة”. سوف أكتفي بهذين التعريفين و أذكر هنا رأي بعض المتمرسين في السوق المحلية. الأستاذ شاكر الشيخ، المدير الإقليمي للتعاونية في المنطقة الشرقية والذي عرف القيمة السوقية بقوله: “حين أعطي القيمة السوقية لمركبة الزبون، فهي قيمتها قبل الضرر، يفترض أن تكون هذه القيمة كافية لشرائه مركبة بديلة من السوق بنفس المواصفات، أي عمر السيارة ونظافتها، و محتوياتها الداخلية بشرط أن لا تزيد قيمتها عن القيمة المحددة في وثيقة التأمين…” . والأستاذ عماد حسيني، المدير العام للوسطاء السعوديون عرف القيمة السوقية قائلا: “هي القيمة المؤمن عليها في الوثيقة ناقصا نسبة محددة عن كل شهر مر منذ بداية سريان الوثيقة سارية المفعول ..”. اذا هناك اتفاق بين التعريف النظري و الممارسة العملية يؤكد بأن القيمة السوقية للمركبة يعادل المبلغ الذي يمكن بيعها به في سوق مفتوحة للبيع والشراء، قبل تعرضها للضرر.
متي يتم الرجوع للقيمة السوقية في التأمين؟
القيمة السوقية للمركبة هي من أول الأسئلة التي يفترض أن يجيب عليها طالب التأمين لأنها سوف تكون الأساس الذي سوف يتم على أساسه حساب قسط التأمين الخاص بتلك المركبة، وكذلك بعد سريان وثيقة التأمين قد تكون هناك عودة لهذه القيمة حين تكون المركبة في حالة تلف فعلي كامل (Actual Total Loss) أو حين تقرر الشركة اعتبارها خسارة كلية حكمية (Constructive Total Loss)، لعدم الجدوى الإقتصادية من الإصلاح، أو حين تكون السيارة مسروقة وتنتهي فترة الإنتظار دون استرجاعها ومن ثم معاملتها كحالة خسارة كلية لتعويض مالكها عما أصابه من ضرر مالي بسبب سرقتها.
ما هي المشكلة التي يواجهها سوق التأمين السعودي بخصوص الخسارة الكلية؟
في بعض دول العالم مثل أوروبا وأمريكا هناك مؤسسات رسمية تصدر نشرات خاصة بالقيمة السوقية للمركبات. ففي أمريكا هناك ما يعرف بكتاب كيلي الأزرق Kelley Blue Book أو الجمعية الوطنية لتجارة السيارات National Automotive Dealer Association التي تصدر نشرة خاصة بالقيمة السوقية لمختلف المركبات ويتم اعتماد القيم المذكورة في هذه المصادر بشكل رسمي، ويقبل به الأطراف المستفيدة من العملية التأمينية لتسوية المطالبات.
أما بالنسبة للسوق السعودية فلا يوجد مصدر مستقل و رسمي يمكن الإعتماد عليه، و لسد هذا الفراغ اعتمدت وزارة الداخلية، المرور، على خدمات شيوخ المعارض في المناطق المختلفة بالمملكة العربية السعودية لتقديم هذه الخدمة. فحين لا توافق شركة التأمين على تكلفة الإصلاح للمركبة المتضررة (تكلفة قطع الغيار وتكلفة اليد العاملة …الخ) يتم سحب المركبة لمعاينتها من قبل شيخ المعارض الذي يعطي رأيه في القيمة السوقية للمركبة قبل الحادث وقيمتها بعد الحادث. ويفسر البعض بأن الفرق بين القيمتين هو تكلفة إصلاح المركبة.
ولكن الخدمة المقدمة من شيوخ المعارض لم تحقق الغرض المنشود وبالمستوى الذي يرضى الأطراف المستفيدة من العملية التأمينية (مشتري التأمين، أو الطرف الثالث المتضرر، أو شركة التأمين). وحين سألنا الأستاذ شاكر الشيخ والأستاذ عماد حسيني عن رأي كل منهما بخصوص هذا الموضوع اتفقا في الرأي بأن ما يقدمه شيخ المعارض من تسعيرات كقيمة لما قبل الحادث وما بعد الحادث غير دقيق و لقد تسبب في الكثير من الخلافات بين المتضررين وشركات التأمين. فقيمة ما قبل الحادث، وبالنظر لواقع الحال، يمكن قبولها على ما فيها من علات بإعتبارها القيمة السوقية للمركبة قبل تعرضها للضرر على أساس أن هذه هي مهنة وتخصص شيخ المعارض (بيع وشراء المركبات). أما قيمة المركبة بعد الحادث والتي تعني قيمة السيارة بالأعطال التي فيها أو قيمتها كحطام فهذه ليست من اختصاصة. فالإصلاح يفترض أن يكون من اختصاص ورش الإصلاح والتي تمتلك الأجهزة الحديثة والخبرات المهنية القادرة على معرفة عمق الأضرار التي تعرضت لها المركبة. أما قيمة الحطام فيفترض أن تقيم من قبل مشتريي الحطام وهم أصحاب مهنة وتخصص في السوق المحلية. ولبيع الحطام آليات تتبعها شركات التأمين ومن بينها عرض مجموعة من السيارات في مزاد علني أو من خلال تقديم عطاءات منفصلة و مغلقة تشرف عليها لجنة خاصة تعينها إدارة الشركة، ففي بعض الأحيان يباع حطام السيارة بقيمة تعادل قيمتها السوقية وهي سليمة. وعلى هذا الأساس يمكن الإعتماد فقط على رأي شيخ المعارض بخصوص القيمة السوقية للمركبة قبل الحادث أما غير ذلك فليس من اختصاصه.
مثال لتسوية الخسارة الكلية:
في حالة الخسارة الكلية يمكن اعتماد احدى الخيارات التالية:
1.
القيمة التأمينية للسيارة المحدد في وثيقة التأمين.
2.
القيمة السوقية للسيارة قبل الحادث من قبل شيخ المعارض (أو أي جهة متخصصة أخرى)
3.
القيمة الفعلية الحقيقية للمركبة وهي تعتمد على المعادلة التالية:
Actual Cash Value (ACV) – Deductible
وهذه المعادلة تعني:
القيمة الحالية لسيارة جديدة مشابهة لها (ACV)
ناقصا: قيمة الإستهلاك (عدد السنوات في نسبة الإستهلاك السنوي)
ناقصا: قيمة التحمل (كما هو محدد في وثيقة التأمين)
=
قيمة التعويض
مثال:
سيارة عمرها 5 سنوات وقيمتها جديدة الآن تساوي , 100,000 ريال، والتحمل 1,500 ريال.
تكون التسوية كالتالي:
ACV )
قيمتها الفعلية الحقيقية): 100,000 ريال
ناقصا الإستهلاك (10% للسنة) 50,000 ريال (هذا على سبيل المثال، لأن بعض الشركات يخصمون نسبة أعلى للسنة الأولى من عمر السيارة(
ناقصا التحمل: 1,500 ريال
مبلغ التعويض = 48,500 ريال
ولو رغب المتضرر في الإحتفاظ بالحطام تخصم قيمته من مبلغ التعويض.


بقلم / عيد الناصر
10/4/2013

Popow, Donna J, Introduction to Claim, 4th edition, the Insurance Institute of America (The Institute).