الاحتيال في قطاع التأمين الطبي - الجزء الأول - بقلم د/صديق الحكيم

دفعني لكتابة هذا المقال أمران ،الأول :أنني في هذه الأونة استعد لخوض امتحان رابطة مراقبي الاحتيال الأمريكية ACFE والأمر الثاني :هاتفني اليوم طبيب زميل لي بشركة تأمين وفي ثنايا المحادثة أخبرني أنه رُقي من قسم الموافقات الطبية بالشركة إلي قسم مكافحة أو مراقبة الاحتيال بالشركة والحديث عن الاحتيال في قطاع التأمين الطبي بالطبع يحتاج إلي مجلدات وكتب لكني في هذه المقالة سأعرض نقاط محددة أراها مفيدة للقاريء العادي والمتخصص في مجال التأمين الطبي
النقطة الأولي : معدلات الاحتيال على المستوى العالمي وفقاً للدراسات، يتراوح ما بين 15 و17 في المئة، وتزداد الحالات في الدول التي لا تتمتع بأنظمة رقابة تأمينية فاعلة والتأمين الصحي تقع فيه أكبر نسبة من عمليات الاحتيال، يليه تأمين المركبات ثم أنواع التأمين الأخرى». ولك أن تتخيل قيمة المطالبات الاحتيالية إذا علمت أنحجم أقساط التأمين الطبي بالسعودية حوالي 11 مليار ريال لذا رقم الاحتيال يقترب من ملياري ريال وهذا الرقم استنتاجي لأنه لاتوجد احصائيات أو معلومات متكاملة بهذا الخصوص وهي ثغرة تحتاج لسدها في أسرع وقت ممكن من قبل المشرع وأطراف العلاقة التأمينية


النقطة الثانية: طُرق الاحتيال في مجال التأمين الطبي يكون الاحتيال متركزاًَ في
(أ)انتحال شخصية صاحب بطاقة التأمين كأن تأتي سيدة حامل  لاستخدام بطاقة أخري في متابعة الحمل ومن المواقف الطريفة أن سيدة تابعت الحمل ببطاقة سيدة أخري ولم تكتشف لأنها كانت منتقبة وعند الولادة كماهو المعتاد يتم كتابة المولود باسم الأم لحين استخراج شهادة الميلاد فأخذت الأم تبكي بشدة وعند سؤالها عن سبب بكائها أن هذا هو ولدها هي وليس ابن جارتها واعترفت أنها انتحلت شخصية جارتها
 (ب) ويكون الاحتيال في نوع المرض، بحيث يحصل المريض على خدمة علاجية لحال غير مغطاة، مثل تنظيف أوتبيض الأسنان أو حتي تركيبات الأسنان، ويتم وصف الحال باعتبارها من الحالات المغطاة، مثل خلع ضرس أو إزالة عصب وما إلى ذلك.
 (ج) ومن ضمن حالات الاحتيال في مجال التأمين الطبي أن يخفي المستفيد حقيقة مرضه قبل التأمين، ثم بعد حصوله على الوثيقة يقوم بالتقدم بطلب العلاج لهذا المرض،وهذه الحالة منتشرة كثيرا وبالأخص مع الأمراض المزمنة مثل الضغط والسكري والعمليات الكبري مثل استئصال المرارة وعمليات العمود الفقري لأنها مكلفة وهذه تعد من أسهل حالات الاحتيال التي يتم اكتشافها،
(د) ومن ضمن حالات الاحتيال في مجال التأمين الطبي أن يخفي المستفيد منشأ الحالة أو المرض ولهذه الحالة مثالين يتكرران يوميا أولهما حالات إصابة العمل التي من المفترض أن تعالج علي التأمينات الاجتماعية GOSIلكن المؤمن له يستسهل ويطلب العلاج علي التأمين الطبي وقد يخفي سبب إصابته عن الطبيب المعالج وربما يُخبر الطبيب ويشترك معه الطبيب في الاحتيال بذكر معلومات غير صحيحة عن متي وكيف وأين وقعت الإصابة؟ والمثال الآخر عن منشأ الحمل هل هو حمل طبيعي أم حمل ناتج عن مساعدات حمل مثل التخصيب الاصطناعي أوالتلقيح المجهري أوغيره من الوسائل ومن المعلوم للمتخصصين في التأمين الطبي أن الوثيقة الموحدة لمجلس الضمان الصحي التعاوني لاتغطي الحمل الناتج عن مساعدات حمل ولذا يحتال المؤمن له بذكر أن الحمل طبيعي بمعاونة الطبيب المعالج أو لا
النقطة الثالثة:مكافحة الاحتيال في مجال التأمين الطبي لاشك أن اللوائح التي أصدرتها «مؤسسة النقد العربي السعودي»، مثل لائحة مكافحة الاحتيال في شركات التأمين، واللائحة التنظيمية لسلوكيات السوق، تضمنت الكثير من الوسائل والإجراءات والمعايير التي يجب على شركات التأمين تطبيقها للحد من الاحتيال، كما أن شركات التأمين نفسها تتخذ إجراءات لكشف الاحتيال والمطالبات الاحتيالية والحد منها، وهذه الوسائل تختلف باختلاف أنواع التأمين، ومنها الاستعانة بخبراء مؤهلين للكشف عن الأسباب الفنية أو القانونية التي أدت إلى نشوء المطالبة وحجمها، وفي التأمين الصحي فإن شركة التأمين تستطيع انتداب طبيب لا يتبع إلى المستشفى لكشف ملفات المرضى والتحقق من طبيعة المرض ونوع العلاج وفي حالة إخفاء المستفيد حقيقة مرضه قبل التأمين، ثم بعد حصوله على الوثيقة وهذه تعد من أسهل حالات الاحتيال التي يتم اكتشافها،بمقارنة التصريح الذي يقدمه المريض عن حالته الصحية قبل التأمين وهنا أود أن أنصح طالب التأمين الطبي أن يملأ هذا التصريح بعناية ويذكر فيه الحقائق المتعلقة بحالته الصحية ولا يمنعه من ذلك زيادة القسط التأميني  دراهم معدودة لأن هذه الزيادة القليلة تحميه من رفض مطالبته كلية
وقبل هذه الوسائل التشريعية والعملية لمكافحة الاحتيال في مجال التأمين الطبي يجب أن يشترك جميع أطراف العلاقة التأمينية (مجلس الضمان وشركة التأمين ونقدم الخدمة والمؤمن له والوسيط والمبيعات )في رفع الوعي التأميني للمجتمع وهي مهمة ليست يسيرة وتحتاج لتكاتف جهودنا جميعا ولعل مقالي هذا يكون خطوة علي هذا الطريق لتوعية المجتمع بالتأمين
وفي الختام أود التأكيد أن الحديث عن الاحتيال في قطاع التأمين الطبي يحتاج إلي مجلدات وكتب لكني في هذه المقالة حاولت أن أعرض نقاط محددة عن معدلات الاحتيال العالمية والمحلية في مجال التأمين الطبي وطرق الاحتيال وبعض وسائل مكافحته تشريعيا وعمليا

بقلم د/صديق الحكيم (خبير تأمين طبي بالسعودية)