العقود كأسلوب لإدارة المخاطر

إن المفهوم الأساسي لتحليل وإدارة المخاطر في صناعة التشييد، هو عملية ترجمة الأخطار التي وقعت سابقاً في مشروعات تشييد، إلى قيود، والسبب في هذا أن القيود تكون معروفة سلفاً، بعكس الأخطار التي تكون غالباً مجهولة.
ويقودنا هذا المفهوم إلى وضع مجموعة من القيود على أعمال التشييد، نتجت عن أخطار حدثت سابقاً، بحيث يحتمل عند عدم التقيد بها، ازدياد احتمالية حدوث أخطار بدرجات متفاوتة من الشدة.
إن التعريف بالمخاطر والقيود المتعلقة بالمشروع قبل البدء فيه، يمنحنا الفرصة لكي نتحسب لها، لتخفيف أثر الأخطار التي قد نعاني منها، كما يمنحنا الفرصة أيضاً لإعلام حتى أولئك الأشخاص ذوي العلاقة غير المباشرة بالمشروع، بحجم الأخطار التي قد يتعرض لها المشروع حتى قبل أن يبدأ.
وتتعامل صناعة التشييد منذ عام 1990 مع مفهوم إدارة المخاطر بطريقة بسيطة للغاية؛ إذ يتم تحديد ما الذي يمكن أن يكون خطراً، ثم يتم تقييم احتمالية وتبعات ظهور ذلك الخطر، ومن ثم وبحسبة بسيطة- كما سيرد لاحقاً- يتم تعريف المخاطر وترتيبها من الأشد خطورة إلى الأقل.
وبهذا يمكن أن نضع في حسباننا الأسلوب الأمثل للتعامل مع المخاطر، وذلك بوضع قيود (شروط تعاقدية) تمنعها، أو تمنع أغلبها، أو تقللها للحد الأقصى، أو تضعها في حجم معين لا تتعداه، ثم اتخاذ التدابير الملائمة للتعامل مع ما يتبقى منها، وهذا بدوره يتم بطرق عديدة كنقل تبعاتها تعاقدياً لأطراف أخرى كشركات التأمين، أو وضع الميزانية المالية الملائمة لتغطيتها.


حسنا، لقد عرفنا للتو فكرة صياغة العقد- أي عقد- من وجهة نظر غير قانونية بحتة، بعد أن درج الناس لسنوات طويلة على النظر للعقد على أنه مادة أو مواد قانونية بحتة، إلا إنه يجدر بنا من الآن فصاعداً أن نوسع النظرة كثيراً عن ذي قبل، وأن ننظر لصياغة العقد على أنه ليس تلبية بحتة لمتطلبات قانونية فحسب، بل أيضاً صياغة لمجموعة من القيود، يلتزم طرفا ذلك العقد باحترامها، لمنع أو تقليل وقوع مخاطر قد تنشأ من جراء ما هم متعاقدون بشأنه.
وبعبارة أخرى، تصبح عملية صياغة عقود مقاولة التشييد، هي عملية وضع قيود وشروط مقبولة قانوناً، بعضها على رب العمل وبعضها على المقاول، إما على شكل نصوص، أو على شكل رسومات، بغرض توزيع مخاطر القيام بعملية التشييد عليهما بعدالة، وبغية حسن إدارة مخاطر تلك العملية.
وفيما يلي، سوف نستعرض معا الأمر بشيء من التفصيل:
حالة يمكن أن تظهر خلال عمر المنتج، أو النظام، أو الآلة، بحيث ينتج عنها خطر الإصابة البشرية، أو الإضرار بالملكيات، أو الإضرار بالبيئة، أو الخسارة الاقتصادية.
علاقة تربط بين احتمالية، أو معدل ظهور خطر معرف ما، وبين إجمالي التبعات الناشئة عن ظهوره.
واستناداً إلى هذين التعريفين، يعبر عن المخاطرة بمعادلة رياضية بسيطة كالتالي:
R = P × C                     معادلة (1-1)
حيث R هي المخاطرة معبراً عنها بقيمة مالية بعملة ما بالأرقام، و
P هي احتمالية، أو معدل ظهور خطر معرف ما ولهذا لا يكون لها وحدة قياس، و
C هي إجمالي التبعات الناشئة عن ظهوره معبراً عنها بقيمة مالية بعملة ما بالأرقام.
من التعريفات والمعادلة السابقة، يمكننا أن نميز سيناريو وقوع المخاطرة كالتالي:
يقع حدث غير مرغوب فيه، بسبب عوامل عديدة ومتغيرة، وبحيث يفضي أي عامل منهم أو أي تجمع لأي عدد منهم لوقوع هذا الحدث، ويسمى حينئذ كل عامل منهم خطراً.
على سبيل المثال، فقد ينهار حائط ساند في موقع تحت التشييد لأسباب عديدة، منها سوء حالة التربة، أو سوء المواد التي شيد بها الحائط، أو خطأ بتصميم ذلك الحائط أو تنفيذه، أو...، أو أي تجمع من أي من تلك الأسباب سابقة الذكر، وبالتالي يصبح لدينا خطر سوء حالة التربة، أو خطر سوء المواد التي شيد بها الحائط، أو... الخ.
يجب أن يكون هناك ثمة حدث منشط لوقوع الخطر، بحيث يفضي بالحدث غير المرغوب فيه إلى الوقوع. على سبيل المثال، يمكن أن ينهار الحائط الساند المذكور آنفاً، نتيجة خطر سوء حالة المواد التي شيد بها أحد أجزاءه، وهو الخطر الذي لم يظهر في الأحوال العادية عندما لم يتواجد الحمل الأقصى المصمم عليه الحائط، والذي ما إن تواجد بجوار الجزء المعيب، حتى أصبح هو المنشط المعني، وهو الذي قام بإطلاق الخطر، بأن أفضى بالحائط إلى الانهيار، حيث لم تتحمل المواد السيئة التي شيد منها الحائط، الحمل الذي كان من المفترض تصميمياً أن تتحمله.
يمكن أن يكون للخطر عدة مستويات من الخطورة، كما يمكن أن يكون لقيمة التبعات عدة مستويات هي الأخرى، وهذا يتوقف على ظروف وتوقيت وقوع الخطر. على سبيل المثال، يمكن أن يكون لانهيار الحائط الساند المذكور آنفاً تبعات مالية محدودة، تتمثل في تكلفة إصلاح ما تلف، فيما قد يكون لنفس هذا الخطر تبعات مالية أسوأ، إذا كانت التبعات ستقع على المسار الحرج للمشروع، فهذا يعني تأخير المقاول في تنفيذ الأعمال أو اضطراره لزيادة ساعات الأعمال عما هو مخطط له لتدارك التأخير وهذه تبعات مالية، يضاف إليها تبعات أدبية تتعلق بسمعة المقاول في عدم قدرته على إنجاز الأعمال في وقتها المحدد، وبالطبع فقد تحدث تبعات شديدة السوء تتمثل في وقوع إصابات بشرية متفاوتة الشدة، أو حالات وفاة، وهذه لها جوانب قانونية جنائية فضلاً عن جوانبها المالية والأدبية.
وهذا يسمح لنا بعقد مقارنة بين قيم المخاطر المحتمل أن يتعرض لها المشروع- كما سيأتي لاحقاً- وتساعد هذه المقارنات في اتخاذ القرار المناسب حيالها، إما بقبول المخاطرة مع وضع القيود المناسبة، أو باتخاذ تدابير وقائية إضافية لمنعها أو تقليل آثارها.
إذاً فالخطر يقتضي منشطاً لوقوعه، والذي ما إن يفعل حتى يقع الحدث غير المرغوب فيه، والذي لابد وأن تكون له تبعات سيئة- والتي سنعبر عنها من الآن فصاعداً بكلمة خسائر- ويجب إذاً تقييم تلك الخسائر لاتخاذ التدابير المناسبة نحوها.
وبعبارة أخرى: علينا أن نعد عقداً يقيم ويتلافي الأخطار الممكنة التوقع.
فإذا كنا لا نرغب في وقوع خسائر من نوعية تلك المذكورة آنفاً، فعلى رب العمل أن يطلب من المقاول استخدام خامات جيدة، ويجعل من ذلك شرطاً من شروط العقد- الأمر الذي درجنا على تسميته بالمواصفات، وهي أحد مستندات العقد- فينشأ حق لرب العمل بموجب هذا الشرط، يلتزم به المقاول المتعاقد معه.
وبتنفيذ المقاول لهذا الشرط، يكون المقاول قد تلافى ذلك الخطر، وأبعده عن كاهل رب العمل، فينشأ له حق في الحصول على سعر هذا الشرط- حسبما ذكر في قائمة الكميات، وهي أحد مستندات العقد- يلتزم به رب العمل بموجب ذلك العقد.
والواقع أن هذا يقودنا إلى الوصول إلى بديهية هامة، ألا وهي أن العقد- أي عقد- هو أسلوب ذو أساس قانوني لإدارة مخاطر العقد، فإذا نظرنا إليه نظرة أقل من ذلك، فلن نصل إلا إلى إعادة محضة لصياغة نصوص القوانين التي يعمل تحتها العقد، ولا جديد بعد ذلك.
وعليه، فما ينبغي علينا عمله في ضوء ذلك، هو معرفة مصادر مخاطر صناعة التشييد، ومعرفة كيفية تقدير تكلفة المخاطر، وإسناد تلك المخاطر إلى أطراف العقد، كل حسب دوره المتوقع منه في العقد، تمهيداً لصياغة العقد إثر ذلك، لتوثيق تلك الإسنادات، وإنجاز أعمال العقد بموجبها.
لا تكاد مصادر المخاطر تحصى، بيد أننا يمكن أن نورد بعضها هنا- على سبيل المثال لا الحصر- وذلك كما يلي:
وتشمل فيما تشمل الخسائر والأخطار التي قد تتعرض لها المباني والملكيات، وتشمل فيما تشمل: الحريق، أو التآكل، أو السرقة أو حدوث عيوب في الهيكل الإنشائي، أو الزلازل، أو العواصف، أو الخسائر المتعمدة، أو خسائر النقل والتداول والتوريد، أو الانفجارات، أو الحروب.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، سرد لكل تلك المخاطر وإسناد لها لطرف من أطراف العقد، والذي يتولى بدوره تقدير تكلفتها ومدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل النقص في الأرباح عما هو مخطط له عند بدء المشروع، أو خسارة عقد ذو ارتباط بكفاءة المشروع أو بمدة الانتهاء من تنفيذه، وذلك لأسباب تعود إلى الحريق، أو التآكل، أو حدوث عيوب في الهيكل الإنشائي.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نص للفترة الزمنية التي يتعين على المقاول أن ينهي الأعمال خلالها، والذي يتولى بدوره تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل المسئوليات المتعلقة بالقوانين، مثل تلك التي قد يتم تحملها من جراء حدوث وفاة أو إصابة أو ضرر، أو المسئوليات المتعلقة بالعقود المبرمة للمشروع، أو المسئوليات القانونية الناشئة من جراء حدوث مخالفات لقوانين الدولة أو تشريعاتها، أو المسئوليات الجنائية مثل الاختلاس، أو الإرهاب، أو جرائم تلويث السمعة، وتؤدي هذه النوعيات من المخاطر إلى تبعات شديدة السوء، مثل خسارة الحصة المفترضة من السوق، وانخفاض أسعار الأسهم، إضافة إلى توقيع غرامات نقدية، أو عقوبات تصل إلى السجن، أو كلاهما.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نص يبين أن المقاول سيكون ملتزماً بالقوانين والمراسيم والأنظمة التي صدرت في الدولة التي ينفذ فيها المشروع، وذلك قبل فترة زمنية محددة ومبينة في تعليمات التقدم إلى العطاء، ويتولى المقاول تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه، وبالتالي يحق لها تغيير أسعار عقده متى تغيرت تلك القوانين بالشكل الذي يمس أسعاره.
وتشمل فيما تشمل سياسات التدخل الحكومي، أو تغيرات التشريعات أو المراسيم، وما يستتبعها من تغيرات في المصالح والتحالفات.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، بيان لمدى اشتماله على نص يسمح بالتحكيم، أو اللجوء إلى التقاضى، وفي كلتا الحالتين يجب أن يعرف طرفا العقد اسم محكمة التحكيم أو محكمة القضاء التي سيمثل أمامها ونظامها، ويتولى المقاول تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل سياسات التضخم، أو تغير سعر صرف العملات، أو النفط، أو الذهب، أو توجهات الأسواق، أو حدوث مشتريات خطأ أو غير مناسبة، أو عدم القدرة على التنبؤ بالأحوال المالية المستقبلية، أو التقييم الخاطئ لقابلية انتشار المنتجات الجديدة، أو أخطاء في دراسة أسعار العطاء.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نص على سعر صرف العملات المختلفة أما العملة المحلية، أو وضع آلية يتم اللجوء إليها لتحديد سعر الصرف، أو وضع معادلات رياضية يتغير بموجبها سعر بنود العقد كدالة في قيمة التضخم المعلنة محلياً، ويتولى طرفا العقد بدورهما تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقتهما على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل حدوث تطور لأنظمة تداول البيانات، وتطور للتقنيات الحديثة في الصناعة والاتصالات، والذي قد يحيل للتقاعد منتجات لم تر النور بعد، لأنها تأخرت في الصدور عن موعدها المخطط له.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نص يحث المقاول على سرعة إنجاز أو التبكير في عمليات بعينها، ويتولى المقاول بدوره تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل إخلال الموردين وأداءهم السيئ، أو إخلال مقاولي الباطن وأداءهم السيئ، أو إخلال اتحاد الشركاء وأداءهم السيئ.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، بيان يحدد من المسئول أمام رب العمل، في حالة وجود اتحاد شركاء، أو في حالة وجود مقاولي باطن أو مقاولين متخصصين في أعمال بعينها، ويتولى المقاول تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل تقلب أسعار العملة، أو أخطار المناخ السياسي، أو التأميم، أو استغلال الشركاء المحليين، أو عدم ثبات النظام، أو اختلافات الالتزامات التشريعية، أو اختلافات متطلبات التأمين.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، بيان يمكن المقاول من اللجوء إلى هيئات تحكيم أو محاكم دولية عند اللزوم، بدلاً من اللجوء إلى المحاكم المحلية، ويقوم المقاول بدراسة مدى سماح القوانين المحلية بذلك من عدمه، فيما يتولى رب العمل تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل الإضراب عن العمل، أو الشغب، أو الأداء السيئ.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، بيان يحدد أن المقاول وحده سيكون مسئولاً عن عماله ومقاوليه للباطن ومورديه، ويتولى المقاول تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل تعيين الأشخاص الخطأ، أو إسناد الأعمال للأشخاص الخطأ، أو التدريب غير الجيد، أو استخدام الخامات الخطرة، أو خط الإنتاج الضعيف، أو تدني مستوى جودة المنتجات، أو تكرار الأعمال، أو تواجد اختناقات، أو كثرة اعتماد الخطوات على بعضها في العملية الإنتاجية، أو الافتقار إلى إدارة ذات كفاءة للأزمات والكوارث، أو تدني مستوى التخطيط لمجابهة الطوارئ، أو التصميمات السيئة أو المتهاونة، أو عدم الاهتمام بمعايير صحة وسلامة العاملين، أو الافتقار إلى تأمين البيانات.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نص على أهمية تقديم المقاول لخطة الجودة الخاصة بالمشروع، وسابقة خبرة مهندسيه الرئيسين، وبيان مدى أهمية أن يكون نظام الجودة الخاص به مطابق لمتطلبات الآيزو من عدمه، إضافة إلى النص على أهمية تقديم المقاول لخطة السلامة الخاصة بالمشروع ويتولى المقاول تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل المنافسة غير المشروعة.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نص على أهمية أن يسلك المقاول الطرق القانونية في سبيل الفوز بالعقد، والنص على أن العقد سيبطل متى اكتشف غير ذلك، ويتولى المقاول تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وتشمل فيما تشمل، فقدان السمعة والشهرة التجارية والمظهر اللائق والصورة الحسنة، أو فقدان العاملين المهمين، أو فقدان الإبداع والملكية الفكرية، أو فقدان الريادة والتفوق.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نصوص للحد من أو لمنع تلك المخاطر، ويتولى طرفا العقد- كل حسب علاقته بالمخاطرة- تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
وفي الواقع، فإن مصادر المخاطر- كما أسلفنا- لا تكاد تحصى، وسيأتي لاحقاً كيف يمكن التعامل مع هذه المشكلة، بحيث لا تعود عويصة كما قد يبدو لنا، وقبل الانتقال لتلك المرحلة، يجدر بنا أن نطالع أيضاً نماذج من مخاطر التشييد التي قد تُسنَد إلى أي من طرفي عقد مقاولة التشييد: رب العمل، والمقاول.
4. 1. 1. اعتمادات خطط العمل.
4. 1. 2. اعتمادات استعمال مواد ذات طبيعة خطيرة في الموقع.
4. 1. 3. اعتمادات أوامر الحفاظ على الأشجار والنباتات في الموقع.
4. 1. 4. اعتمادات تقييم الأثر البيئي.
4. 2. 1. حرم الطريق.
4. 2. 2. متطلبات التحكم في الضوضاء.
4. 2. 3. مشاكل جماعات الضغط، ومتطلبات المُحْتَجِّين المحليين.
4. 2. 4. تغيرات النظام المتبع.
4. 2. 5. تغيرات التشريعات.
4. 3. 1. قيود ومحددات دخول الموقع.
4. 3. 2. وجود مستخدمين أو شاغلين للموقع.
4. 3. 3. متطلبات المباني المتواجدة بالفعل (سواءً بالحماية أو بالإزالة).
4. 3. 4. الأسوار المحددة للموقع.
4. 3. 5. متطلبات الجهات الرسمية المانحة للخدمات الأساسية، كالماء والصرف الصحي والغاز الطبيعي والكهرباء والهاتف.
4. 3. 6. استعمال الخدمات الموجودة بالفعل.
4. 3. 7. إمكانية التوافق مع محددات الموقع، واشتراطاته، ومساحته.
4. 3. 8. دراسة أماكن مآخذ الخدمات، وتأثير تعطيلها مؤقتاً للربط عليها.
4. 3. 9. احتمالية إعادة ترتيب العناصر حول الموقع.
4. 4. 1. حدود فحوص التربة.
4. 4. 2. أنواع وتغيرات التربة.
4. 4. 3. الأراضي غير الصالحة للتشييد عليها.
4. 5. 1. درجات الحرارة، والرطوبة، وسرعة الرياح.
4. 5. 2. المناخ المحلي.
4. 5. 3. الزوابع والأعاصير.
4. 6. 1. عدم دقة وكفاية مستندات طرح العطاءات.
4. 6. 2. تغيير المتطلبات.
4. 6. 3. تغيير البرنامج الزمني.
4. 6. 4. تأخر اتخاذ القرارات.
4. 6. 5. تأخر استلام الموقع.
4. 6. 6. كثرة المعجلات أو المعرقلات في تنفيذ البرنامج الزمني.
4. 6. 7. طلب الاستلام المبكر لكل أو لجزء من الأعمال.
4. 6. 8. عدم تواجد الاعتمادات المالية.
4. 6. 9. التبعات القانونية التي تنشأ على رب العمل من تأخر الانتهاء من المشروع.
4. 7. 1. التعبير الخاطئ عن المشروع عند إعداد مستندات طرح العطاءات.
4. 7. 2. أخطاء التصميمات، أو الرسومات، أو مستندات العقد.
4. 7. 3. الافتقار إلى وضع برنامج زمني مناسب.
4. 7. 4. سوء تقدير الأمور غير الملائمة.
4. 7. 5. مدى خبرة فريق العمل.
4. 7. 6. مدى استمرارية وتواصل فريق العمل.
4. 8. 1. الافتقار إلى مواكبة البرنامج الزمني للأعمال، نتيجة عدم كفاية الموارد، والتقديرات الخاطئة لمدد تنفيذ أنشطة العمل.
4. 8. 2. الافتقار إلى التنسيق بين مقاولي الباطن.
4. 8. 3. العمالة السيئة.
4. 8. 4. الافتقار إلى الإدارة الجيدة للموقع، والتحكم بالجودة، استمرارية وتواصل خبرة العاملين.
5. 1. 1. قيام رب العمل بإلغاء المشروع.
5. 1. 2. تأخر رب العمل في البدء في المشروع.
5. 1. 3. تعليق رب العمل للأعمال.
5. 1. 4. تأخر رب العمل في دفع قيمة المستخلصات والمطالبات.
5. 1. 5. تأخر رب العمل في استلام الأعمال.
5. 1. 6. وجود غموض أو لبس أو تعارض أو خطأ في مستندات التعاقد.
5. 1. 7. تأخر في توقيت إمداد المقاول بالمعلومات التي يطلبها من مهندس المالك، أو تقديمها بشكل غير جيد أو غير كافٍ.
5. 1. 8. وجود متطلبات مرهقة، تطلب في وقت غير متوقع، بواسطة ممثلي رب العمل أو المهندس.
5. 1. 9. حدوث مفاجآت غير متوقعة في المعلومات الخاصة بالتربة.
5. 1. 10. مشاكل التربة المفاجئة، وغير القابلة للتوقع.
5. 1. 11. التغييرات التي تحدث في وقت متأخر عن موعده.
5. 3. 1. نقص العاملين والعمال من ذوي الخبرة.
5. 3. 2. تأخر المقاول في البدء.
5. 3. 3. سوء الأداء.
5. 3. 4. المخاطر المادية من سرقة أو حريق أو ما إلى ذلك.
5. 3. 5. الأحداث غير المتوقعة والتأخيرات غير المسموح بها.
5. 3. 6. مسئولية إصلاح العيوب.
5. 3. 7. المسئولية على المدى الطويل عن العيوب المستترة.
5. 3. 8. المشاكل غير المتوقعة في الخدمات كانسداد المواسير أو انقطاع الكابلات.
5. 4. 1. التسعير الخاطئ.
5. 4. 2. حدوث زيادة غير مغطاة في الأسعار.
ليس هذا فحسب، بل أيضاً ولكي نتحقق بأنفسنا من أن المخاطر هائلة العدد والحجم بالفعل، سنورد فيما يلي مخاطر أخرى غير تلك التي يتعرض لها طرفي العقد بشكل مباشر:
6. 1. التغيرات القانونية التي قد تؤثر على التشييد، كمتطلبات الحفاظ على الصحة والسلامة.
6. 2. الصعوبات غير المتوقعة والتي قد تنجم عن ضعف التنسيق بين مقاولي الباطن.
6. 3. تأخيرات اعتمادات التراخيص المتعلقة بالعمل.
6. 4. ممارسة ضغوط بواسطة جماعات الضغط أو جماعات الحفاظ على البيئة.
7. 1. النقص في المهارات والخبرات.
7. 2. النقص في الآلات والمواد وقطع الغيار.
7. 3. الجمارك المحلية.
7. 4. مصاعب التصدير والاستيراد.
7. 5. محددات صرف العملات.
7. 6. التحركات المفاجئة لأسعار العملات.
7. 7. التأخير بسبب البيروقراطية الحكومية.
7. 8. ابتعاد الموقع، أو عدم وجود خدمات أو اتصالات.
إذا فالمخاطر كما أسلفنا، لا تكاد تحصى بالفعل، ومع هذا فعلينا تحديد أكبر كم ممكن منها، لكي نصيغ منها قيوداً وشروطاً في عقد مقاولة التشييد.
ولهذا يوضع في مستندات العقد، نصوص للحد من أو لمنع تلك المخاطر، ويتولى طرفا العقد- كل حسب علاقته بالمخاطرة- تقدير تكلفة المخاطرة بالموافقة على ذلك النص، وتحمل تلك المخاطرة أم لا، وبالتالي مدى موافقته على تحملها من عدمه.
يتم تحديد المخاطر التي أوردنا جزءاً منها سابقاً- على سبيل المثال لا الحصر- بأي من الطرق التالية، أو بها جميعاً طبقاً لما هو ممكن:
8. 1. سجلات الخبرات المتراكمة المتاحة، سواءً باستقاءها من الكتب والمراجع، أو من الخبرات المكتسبة لفريق العمل.
8. 2. جلسات العصف الذهني، بين أفراد فريق العمل، وممن يمكن أن ينضم لفريق العمل من ذوي الاختصاص.
8. 3. الفحص المادي للموقع والمنتجات وأماكن إنتاجها وما شابه ذلك، لاستقاء أفكار واقعية عن المخاطر المتوقعة، وحصول المعاينة النافية للجهالة.
8. 4. سجلات الأخطار المعروفة عن الموقع الذي ستتم الأعمال فيه، مناخياً وطبوغرافياً وجيولوجياً وما إلى ذلك.
وهذا ما سيمكننا من إعداد قاعدة بيانات المخاطر المحتملة التي يتعين على طرفي العقد التحسب لها.
تأتي مرحلة تقييم تبعات المخاطر، مباشرة بعد تحديد تلك المخاطر، وذلك بغية الحصول على تقييم رقمي للمخاطر يمكننا من اتخاذ قرارات بشأنها، وغالباً ما يكون هذا التقييم في صورة مالية، ويتم ذلك كالتالي:
تنقسم تكلفة المخاطر إلى ثلاثة أقسام:
مثل تكلفة إصلاح الخسائر التي وقعت لمشروع ما، أو لملكيات متاخمة له تأثرت بأعماله.
مثل خسارة نصيب مفترض من القوة الشرائية، وسوء الصورة أو السمعة، ومشاكل في توظيف وتقييم العاملين، والعلاقات السيئة مع وسائل الإعلام.
مثل ضعف غير متوقع في الأداء، أو اختلاف نوعيات الأعمال عما قدر لها، وزيادة مشاكل التشغيل، وزيادة تكلفة معاينة الحوادث، وزيادة أقساط التأمين.
يجب أن يتم تقييم احتمالات وقوع كل خطر من الأخطار السابق تحديدها، وذلك بأي طريقة من طرق تحديد المخاطر سابقة الذكر، أو بها كلها، وذلك لتعيين احتمالية حدوث المخاطرة من عدمه، ثم وباستخدام المعادلة (1-1) وبعد حساب تكلفة المخاطر، نصل إلى تحديد أولويات المخاطر.
وهذا يتم بعدة طرق، منها:
9. 3. 1. تطبيق المعادلة (1-1) المذكورة آنفاً، وذلك كما في المثال التالي، والذي يعبر عن أربعة أخطار- على سبيل المثال- يجابهها مشروع ما:
الخطر
الحجم المالي للخسارة
(جنيه مصري)
احتمالية الحدوث
قيمة المخاطرة (جنيه مصري)
ترتيب أولويات المخاطر
1
1000000.00
0.010
10000.00
الثالث
2
500000.00
0.050
25000.00
الأول
3
1500000.00
0.005
7500.00
الرابع
4
200000.00
0.100
20000.00
الثاني
                                         جدول   (1): ترتيب أولوية المخاطر عن طريق المعادلة (1-1) لتقييم المخاطر
من الترتيب السـابق نلاحظ جلياً أن الخطر رقم (3) هو الأعلى في قيمة خسـائر تبـعاته المالية (1500000.00 جنيه مصري)، بيد أنه الرابع في ترتيب أولويات المخاطر، ذلك لأن احتمالية وقوعه ضئيلة للغاية (0.005)، وقس على ذلك باقي الأخطار التي يشملها الجدول.
إذا تعذر علينا تحديد قيمة رقمية مالية للأخطار، لم يسعنا عمل تقييم للمخاطر بالطريقة السابقة، ولكن لا يزال بوسعنا استخدام التقييم الموضوعي، ويتم ذلك بأحد طريقتين:
وهو مقياس يتراوح بين 0.00 إلى 1.00، ويتم التعبير فيه عن المخاطر بشكل متدرج ومنتظم كما في المثال التالي المبين في جدول (2-1):
معامل الاحتمالية
ما يشير إليه هذا المعامل
0.00
احتمالية الحدوث غير واردة
0.10
احتمالية الحدوث مستبعدة جداً
0.20
احتمالية الحدوث مستبعدة
0.30
توجد احتمالية ضئيلة للحدوث
0.40
احتمالية الحدوث أقل قليلاً من عدمها
0.50
احتمالية الحدوث كعدمها
0.60
احتمالية الحدوث واردة
0.70
احتمالية الحدوث واردة بشكل معقول
0.80
احتمالية الحدوث متوقعة
0.90
احتمالية الحدوث واردة بشكل كبير
1.00
احتمالية الحدوث مؤكدة
وهو مقياس يتراوح بين 0% إلى 100%، ويتم التعبير فيه عن المخاطر بشكل إحصائي حسب احتماليات الورود كما في المثال التالي المبين في جدول (2-2):
معامل الاحتمالية
ما يشير إليه هذا المعامل
0%
لا توجد فرصة للحدوث
5%- 45%
بعيد الاحتمال
45%- 55%
احتمالية الحدوث كعدمها
55%- 95%
محتمل أن يحدث
95%- 99%
يكاد أن يحدث
100%
لا ريب في حدوثه
                 جدول (2-2): مقياس غير خطي لاحتمالية حدوث المخاطر
بوسعنا الآن أن نطلع على المثال التالي في جدول (2-3) لترتيب أولويات المخاطر، باستخدام المقياس الخطي، وفيه نعبر عن أربعة أخطار يجابهها مشروع ما:
الخطر
الحجم المالي للخسارة
(جنيه مصري)
احتمالية الحدوث
قيمة المخاطرة (جنيه مصري)
ترتيب أولويات المخاطر
1
1000000.00
0.20
200000.00
الثاني
2
500000.00
0.50
250000.00
الأول
3
1500000.00
0.10
150000.00
الرابع
4
200000.00
0.80
160000.00
الثالث
ومهما تكن طرق تقييم المخاطر، فيبدو لنا جلياً أنه لا توجد طريقة قاطعة وحاسمة، وأنه لا يزال هناك فسحة لشيء من المناورة، ومع هذا تبقى القواعد الأساسية سليمة، بل وتمنحنا أساساً منطقياً ملائماً لاتخاذ القرار.
9. 4. التحكم في المخاطر
الآن، وبعد أن تم حصر المخاطر، وتم حصر تكلفتها، يمكن للمخاطر أو لتبعاتها أن يتم:
حيث يمكن- على سبيل المثال لا الحصر- أن توضع شروط تعاقدية بحيث تشتمل متطلبات التصميم على بدائل، ويمكن لطرق التشييد أو المواد أن تتغير، ويمكن أن يتم عمل المزيد من الفحوص المعملية، ويمكن عمل تدريب جيد للعمالة أو للمراقبين، وكملاذ أخير، يمكن عدم إدخال أعمال ذات مخاطر عالية في عطاءات المقاولين، والتعامل معها مباشرة بواسطة محترفين في المجال، وبواسطة عقود منفصلة.
ويتم ذلك بوضع شروط تعاقدية إما من رب العمل إلى المقاول أو المُؤَمِّن، أو من المقاول إلى مقاول الباطن أو المُؤَمِّن، أو من المصمم إلى المُؤَمِّن.
وفي هذه الحالة يتم وضع شروط تعاقدية لاتخاذ الاحتياطات المالية الملائمة لمجابهتها بواسطة التمويل الذاتي للطرف الذي قد يتأثر بها، وبهذا تدخل في سعر البند الذي يشتمل على هذه المخاطرة.
تعرف إدارة المخاطر بأنها:" عملية اتخاذ قرارات لقبول مخاطرة معروفة أو مُقَيَّمة، و/أو عمل تدابير لتقليل تبعاتها أو احتمالية ظهورها".
فبعد أن يتم تحديد الأخطار وتقييمها، توزع على الأطراف المختلفة ذات العلاقة، كل في مجاله، وذلك لكي يعملوا على التحكم بها، ويمنعوا ظهور تبعاتها الضارة، ومن ثم تقليل المخاطر التي قد تنشب.
ولا تتم عملية التوزيع هذه كيفما اتفق، وإنما تخضع إلى طرق محددة، ومن هذه الطرق، دوران قواعد توزيع مخاطر التشييد حول كيف وكم ومدى استفادة كل طرف من أطراف العقد من المشروع، والإمكانيات والصلاحيات المتاحة لكل منهم على القيام بالتالي:
·       التحكم بأي ترتيبات يمكن أن تكون مطلوبة، للتعامل مع الخطر أو الأحداث المنشطة له، فالطرف الذي ليست له الصلاحية للتحكم بترتيبات ما، لا يمكن له أن يتعامل مع الخطر الذي قد يصاحب تلك الترتيبات، وبالتالي لا يمكن تحميله بمسئولية ذلك الخطر.
·       التحكم بالمخاطرة أو التأثير على تبعاتها الناتجة.
·       إنجاز عمل ما من أعمال المشروع مثل توفير التغطية التأمينية وصيانتها طوال مدة تنفيذ المشروع.
وينتج عن ذلك أنواعاً من العقود تختلف فقط حسب درجة رغبة طرفي العقد في تحمل المخاطر، ولا شأن مباشر للقانون بها، وذلك حسب السياسات التالية:
10. 1. عقود سعر الوحدة Unit Price Contracts
حينما تكون كل الأحداث متوقعة، ويكون أمر كل أو أغلب المخاطر محسوماً، فقد يفضل رب العمل العقد الذي يطلب من المقاول أن يقدر المخاطر، والتي ستكون حينئذ واضحة جلية، ويضمِّن هذا التقدير في سعر عطاءه، الأمر الذي يمنح رب العمل أقل سعر ممكن للعقد.
وتسمى العقود التي تصاغ تحت هذا المفهوم بعقود سعر الوحدة أو إعادة القياس أو قوائم الكميات، وهي العقود الأشهر في صناعة التشييد، وفيها تقدر أسعار الأعمال بشكل تقريبي بدقة مقبولة لرب العمل، ويتم تحليل المشروع لعناصر الأعمال الأساسية، ويطلب من المقاول أن يعطي سعراً لكل وحدة من وحدات تلك العناصر، ويحتسب للمقاول فعلياً ما تم عمله، من واقع ذلك السعر.
ويعتبر هذا النوع من العقود الأفضل عند طلب أوامر تغيير، حيث يمكن بسهولة تقييم هذه التغييرات، كما أن رب العمل يدفع للمقاول ما نفذه فعلياً، ويمكن تحليل عطاءات المقاولين على أسس متشابهة.
10. 2. عقود المقطوعية Lump Sum contracts
أما حينما تكون المخاطر مشكوكاً في احتمالية وقوعها، فهذا- منطقياً- سيجبر المقاول على أن يحتاط للأمر عند إعداده لسعر عطاءه، فإن لم يحدث ما يخشى منه، يكون رب العمل قد دفع أكثر مما كان ينبغي أن يدفع، وإن وقع ما يخشى منه، يكون المقاول في أمان بفضل ما اتخذ من احتياطات، وفي كلا الحالتين يكون رب العمل قد اختار- راضياً- ألا يتحمل المخاطرة، ووافق على عدم تقليل سعر العقد في مقابل ذلك، وهذا الرضا هو جوهر تلك السياسة.
وتسمى العقود التي تصاغ تحت هذا المفهوم بعقود المقطوعية، حيث أن سعرها مقطوع به سلفاً، وفي هذه النوعية من العقود، يتم احتساب سعر العقد بقيمة ثابتة ونهائية، معلومة لطرفي العقد قبل بدء العمل، ويعد هذا العقد محكوماً لرب العمل، وإن كان ليس الأفضل اقتصادياً؛ إذ يضمن له ألا يتجاوز مشروعه الميزانية المرصودة له، على أساس أن السعر يشمل معاملات أمان كبيرة ضد مخاطر أعمال المشروع، ولكنه من ناحية أخرى يحدث مشاكل عسيرة الحل في حالة طلب أوامر تغيير، لأن تقديرها حينئذ سيكون عسيراً للغاية، وبالتالي ينبغي للمشروع الذي سيستخدم هذه النوعية من العقود أن يكون مدروساً جيداً جداً، أو أن يكون قصير المدة أو واضح الأعمال بشكل لا لبس فيه.
10. 3. عقود المعاوضة Cost Plus Contracts
وقد يختار رب العمل اتجاهاً ثالثاً عن طريق عقود المعاوضة، وفي هذه النوعية من العقود، يدفع رب العمل للمقاول التكلفة الفعلية للأعمال بالإضافة إلى مبلغ تعويضي متفق عليه يعبر عن أرباحه ومصروفاته وما إلى ذلك، ويحقق ذلك لرب العمل الوضع الاقتصادي الأمثل مع تحمله لنسبة كبيرة من المخاطر، وينقسم هذا الاتجاه غالباً إلى نوعين:
10. 3. 1. عقود المعاوضة بالنسبة المئوية Cost Plus Percentage
عقود التكلفة مضافاً إليها نسبة مئوية منها، وفيها يكون أرباح المقاول ومصروفاته وما إلى ذلك نسبة مئوية من القيمة الفعلية للأعمال، وهي الطريقة الأرخص لرب العمل متى اهتم المقاول بتنفيذ الأعمال بشكل معجل ومنظم وقليل الهالك.
10. 3. 2. عقود المعاوضة بالمقطوعية Cost Plus Lump Sum
عقود التكلفة مضافاً إليها قيمة ثابتة، وفيها يعبر عن أرباح المقاول ومصروفاته وما إلى ذلك بقيمة ثابتة محسومة سلفاً، وهي تحل مشكل عدم اهتمام المقاول بتنفيذ الأعمال بشكل معجل ومنظم وقليل الهالك، لأن من مصلحته هاهنا سرعة الإنجاز.
10. 4. عقود التصميم والبناء Design-Build Contracts
قد يختار رب العمل اتجاهاً رابعاً عن طريق عقود التصميم والبناء، وفي هذه النوعية من العقود، يقوم المقاول بأعمال التصميم والتنفيذ بشكل جزئي، محققاً في ذلك متطلبات رب العمل.
ويستخدم هذا العقد غالباً في الأعمال الصناعية أو الأعمال شديدة التخصص كالمفاعلات النووية، ومحطات الغاز والنفط.
ولهذا العقد عدة أنماط، منها- على سبيل المثال لا الحصر- عقد تطوير التصميم والتشييد، وعقد التصميم والإدارة.
وفي هذه النوعية من العقود لا يتحمل رب العمل إلا الحد الأدنى من المخاطر، دافعاً ثمن ذلك كله ورافعاً التكلفة إلى مدى كبير.
10. 5. عقود الهندسة والاشتراء والتشييد Engineering-Procurement-Construction Contracts
وقد يختار رب العمل اتجاهاً خامساً عن طريق عقود الأعمال الهندسية والاشتراء والتشييد (وتسمى عقود تسليم المفتاح Turn-key Contracts)، وفي هذه النوعية من العقود، يقوم المقاول بأعمال التصميم والتنفيذ بشكل كامل، محققاً في ذلك متطلبات رب العمل.
وفي هذه النوعية من العقود لا يتحمل رب العمل أي مخاطر، رافعاً التكلفة إلى أقصى مدى.
وهكذا، فمهما تكن قواعد وأسباب توزيع المخاطر، تبقى المسئوليات والمسئوليات القانونية التي تنبع من المخاطر مرتبطة بذلك التوزيع، ولهذا تبقى سهولة ووضوح الصياغات اللفظية على درجة كبيرة من الأهمية، وهذا يعني أن الترتيبات التعاقدية، والقواعد القانونية، والقوانين الحاكمة للعقد، والمستندات الفنية مثل مواصفات الأعمال والرسومات، يجب أن تكتب بوضوح كامل، لتكون مفهومة تماماً.
ومتى توزعت المسئوليات القانونية بموجب العقد، فإن للأطراف المعنية في العقد أن تفعل ما بوسعها، لكي تغطي تبعات المخاطر- إذا وقعت- وذلك بأن:
·       تتحمل المسئولية تجاه خسائر الضرر أو الإصابة.
·       تنقل المسئولية تجاه خسائر الضرر أو الإصابة أو الإخلال بالالتزامات إلى:
o      الطرف الآخر، وهذا ما يسمى المشاركة في المخاطر.
o      طرف مؤمِّن من خلال وثيقة تأمين، يفرض المؤمِّن شروطه لإدارة المخاطر من خلالها، وبالتالي يخلق دورة أخرى من نقل المسئوليات.