شركات التأمين وخيار الإندماج - ماجد بن أحمد العبري

تستفيق شركات التأمين كلما تعرضت محافظها المالية لهزات بسيطة، لتدرك مدى الحاجة إلى الاندماج وتكوين كيانات اقتصادية كبيرة تسهم في تحقيق الأهداف التي يقوم عليها قطاع التأمين في خدمة أهداف وبرامج التنمية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، وذلك بعد أن كشفت بعض المؤشرات حجم الخسائر التي تكبدتها شركات التأمين نتيجة للأمطار الأخيرة وما خلفته من سيلان الأودية وارتفاع منسوب المياه عن مسارها نحو أحياء وقرى المواطنين، والذي أدى إلى ارتفاع حجم المطالبات، إلى جانب ما تشهده سوق التأمين من ارتفاع في حجم المطالبات الناجمة عن الحوادث المرورية وما أحدثته من آثار على الأرواح والممتلكات.


وندرك أن التأمين وهو يتعامل مع هذه الظروف والمخاطر يمارس دوره الأساسي للمجتمع في توفير تغطية تأمينية تحد من الآثار المترتبة على مخاطر الأنشطة اليومية للأفراد والمؤسسات، حيث إنّ التعويضات التي تدفعها شركات التأمين للمتضررين تساهم بدورها في التخفيف من وطأة ما يتعرض له الأفراد والعائلات من أضرار مادية ومعنوية. وعندما يكون المتضرر مؤسسة أو شركة فإنّ تعويضها عن الخسارة يمكنها من الاستمرار في مزاولة أنشطتها ويجعلها قادرة على الاحتفاظ بموظفيها، ناهيك عن الأهمية الاقتصادية التي يمثلها قطاع التأمين في قدرته على تجميع المدخرات من الأفراد وإعادة استثمارها في شتى المجالات المختلفة التي تخدم في الأخير أفراد هذا المجتمع.

إن هذا الدور والمسؤولية الوطنية التي تحملتها شركات التأمين يتطلب منها أن تفكر فعلياً في تعزيز قدرتها على مجابهة المخاطر التي قد تتعرض لها الشركات بين الفينة والأخرى نتيجة لتقلبات السوق وما يتعرض له العالم من أحداث وكوارث مفاجئة يصعب التنبؤ بها، فالمتتبع لسوق التأمين العمانية يجد أن شركات التأمين العاملة في السلطنة ذات رؤوس أموال صغيرة ولا تملك القدرة على مواجهة تحديات العولمة والانفتاح الاقتصادي الذي تشهده المنطقة، إضافة إلى الأنواء المناخية التي قد تتعرض لها السلطنة بين الحين والآخر، أضف إلى ذلك أن عدداً من شركات التأمين في حقيقتها لا تمثل سوى واجهة لتغذية شركات تأمين أخرى في الأسواق العالمية، وهو ما يفتح المجال إلى تدفق الأموال الوطنية إلى خارج الحدود دون أن يحظى الوعاء الاستثماري المحلي بالحصص الكافية من إجمالي الأقساط التأمينية المباشرة التي تمثل أبرز الأهداف التي يقوم عليها القطاع، فمساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي لا تصل إلى 1% وهي نسبة متدنية مقارنة بأسواق الدول المتقدمة.

إن هذا الواقع لشركات التأمين وما تحدثه تقلبات السوق وارتفاع حجم المخاطر يجعل الشركات تلعب دوماً على وتر واحد فقط وهو رفع أقساط التأمين مستفيدة بذلك من مبدأ السوق الحر، وهو ما يشكل عبئاً إضافياً على كاهل المواطنين، دون أن تتكلف شركات التأمين بمراجعة سياساتها ومدى كفاءة رؤوس أموالها وجودة الخدمات التأمينية التي تقدمها ناهيك عن ضعف البرامج التسويقية للمنتجات المتوفرة لديها وغياب الإقبال عليها، فمن المعلوم أنّ تأمين المركبات يمثل حوالي 45% من حجم أقساط التأمين، دون أن تساهم المنتجات الأخرى في تقليل نسبة تمركز الاعتماد على أقساط تأمين المركبات.

ويفرض الواقع على شركات التأمين أن تتعامل بكل جدية وفاعلية مع الدعوة التي قدمها السيد ناصر البوسعيدي رئيس مجلس إدارة جمعية التأمين العمانية في الملحق الاقتصادي بجريدة عمان ( يوم الثلاثاء4/7/2013م العدد11690) حيال مشروع الاندماج وضرورة وجود كيانات اقتصادية ذات ملاءة مالية قوية لتقليل حجم الخسائر وتكاليف المطالبات، والعمل على تذليل التحديات التي تقف سداً منيعا أمام مبادرات الاندماج بما يخدم أهداف سوق التأمين العمانية، كما أنّ الأجواء المناخية والكوارث الطبيعية وما تحدثه من خسائر في الأرواح وأضرار بالممتلكات يمثل فرصة كبيرة لشركات التأمين لتسويق منتجاتها وتوعية المواطنين بمنافع التأمين الملموسة وغير الملموسة وإبراز أهمية تلك المنتجات في توفير الحماية لمصالح الأفراد والمؤسسات وما يترتب عليه من شعور بالاطمئنان إضافة إلى تنشيط حركة التنمية الاقتصادية.

ماجد بن أحمد العبري
صحفي اقتصادي