التأمين علي الحياة خداع أم استثمار؟‏!‏

تبيع شركات التأمين بوالص تأمين علي الحياة تشمل برامج استثمارية تحقق للمؤمن مبلغا من المال علي المديين المتوسط والمدي الطويل‏,‏ وقد اجتذبت هذه البرامج العملاء بعدما التزموا مع الشركات بالدفعات لسنوات طويلة‏,  ثم تبين أن العقود ليس فيها ما يحمي حقوق المؤمن‏,‏ كما أن الشركات تركز علي شرح المخاطر فهذه البنود هدفها الاستيلاء علي أموال العملاء وإجبارهم علي خيار الالتزام مع شركة التأمين علي المدي الطويل أو خسارة أموالهم
ابرز مثال علي هذا النوع من المنتجات‏,‏ كان مع أحد العملاء حين تم اغراؤه بأن شركة التأمين سوف تقوم بتحصيل مبلغ كبير مرة واحدة فقط واكد ذلك رجل المبيعات ثم بالمصادفة عرف هذا الشخص ان الشركة سوف تحصل هذا المبلغ كل عام وانها غير مسئولة عن موظفي المبيعات خاصتها وانها لن تتنازل عن تحصيل هذه الأموال سنويا وحين اراد هذا الشخص الغاء العقد تبين انه لابد ان يستغني عن جزء من المبلغ الذي يوجد عند شركة التأمين‏.‏
وشخص آخر كان قد اشتري من إحدي الشركات المعروفة بوليصة تأمين علي الحياة تتضمن برنامجا استثماريا وتبين بعد سنوات ان الشركة لم تلتزم شروط العقد الموقع بين الطرفين‏,‏ وحاولت تعديل بعض البنود المتعلقة بالانسحاب من البرنامج فرفض‏,‏ ولا سيما ان استثمارات هذا البرنامج كانت في منتجات مالية مركبة مخاطرها مرتفعة منذ انفجار الازمة المالية العالمية‏.‏


ينطبق هذا الأمر علي أكثر من حالة مع شركات التأمين‏,‏ فالمشكلة الرئيسية في البوالص المتصلة ببرامج استثمارية هي في الانسحاب منها وكيفية احتساب حقوق المؤمن‏,‏ خصوصا أن العميل لا يحصل علي شرح واف دقيق عن البوليصة وحقوقه وواجباته تجاهها‏..‏ فما هي البوليصة؟‏:‏ هي منتج تأميني مركز يدمج بين التأمين علي الحياة‏(‏ وفاة طبيعية أوبحادث‏,‏ عجز بنسبة معينة‏,‏ ويمكن أن يضاف اليها الموت بسبب الارهاب والحروب‏)‏ وحسابات الادخار المختلفة علي المديين المتوسط أو الطويل ما يوفر مبلغا تقاعديا وتكلفتها تحتسب علي أساس المبلغ الشهري الذي بإمكان العميل تسديده‏,‏ فكلما ارتفعت هذه القيمة‏,‏ ارتفعت قيمة الادخار السنوي‏.‏

في المبدأ يحصل المستفيد من البوليصة علي خيار واحد‏:‏ اذا لم تستعمل الاموال من الحساب الأول‏,‏ أي لم تصل الوفاة أو العجز‏,‏ يمكن للمؤمن استعادة قيمة اقساط البوليصة الموضوعة في حساب الادخار علي سنوات محددة مضافة اليها الارباح المحققة من استثمار هذه الأموال في برامج استثمارية‏.‏

وهناك بعض الشركات تغطي حدا أدني من الفائدة المضمونة علي الاستثمارات‏(4.5%‏ في اليوم‏)‏ وبعضها يقول للعميل إن هناك فائدة علي الاستثمارات من دون أن تذكر في العقد‏,‏ وهناك شركات تذكر الأمر في سياق تطمين العميل فتؤكد أنها ستقوم باستثمارات مضمونة لأن كل أموالها فيها‏,‏ وتركز علي الحجم النهائي الذي سيحصل عليه العميل بعد عدد معين من السنوات‏.‏

وبالتالي‏,‏ فإن هذه الاستثمارات وطبيعتها ومخاطرها ستنعكس علي المبلغ النهائي الذي سيحصل عليه المؤمن ويشير مدير في شركة تأمين الي وجود خيارات استثمارية عدة أمام شركات التأمين‏:‏
الخيار الأول : إيداع الأموال في المصارف الخاصة والحصول علي عائد ثابت‏,‏ وهي بدورها تستثمرها علي مسئوليتها وتتحمل مخاطرها
والخيار الثاني : يتضمن استثمار هذه الأموال في صناديق استثمار تكون لديها محافظ متنوعة من الاسهم ويشمل
الخيار الثالث : الاستثمار في سندات خزينة محلية أو خارجية
وهناك خيار الجمع بين بعض هذه الخيارات أو جميعها بنسب محددة لكل عنصر منها تخفيفا للمخاطر‏.‏

ولا شك أن غالبية الشركات تشتري محافظ استثمارية من صناديق الاستثمار‏(‏ محافظ تشمل الخيار الرابع‏),‏ لا سيما أن هذه الشركات تملكها مصارف تجارية تستثمر هذه الأموال‏,‏ وبالتالي تربح نسبة معينة تصل الي‏2%‏ من مجمل قيمة الأموال التي جمعتها من بيع بوالص التأمين وتقدم الي المستهلك ربحا أعلي مما سيحصل عليه بالادخار العادي بنحو‏1%‏ ولكن بمخاطر أعلي أيضا‏.‏

فهذه الطريقة توفر علي الشركات نصف المبالغ التي تدفعها إلي معيدي التأمين وتوفر للعميل برنامج ادخار طويل المدي‏,‏ إلا أنها تدخله في دوامة المنتجات والأوراق المالية ولعبة الأسواق ومخاطرها‏,‏ فالواقع يشير إلي أن تراجع أسعار الفائدة العالمية إلي مستويات تسبب في خسائر كبيرة بسبب ارتباطها ببوالص مركبة‏(‏ تأمين علي الحياة واستثمار‏)‏ مرتفعة الفائدة‏.‏
وهناك مخاطر فالشركة تستفيض في شرح مزايا بوليصة التأمين وعائداتها مهما تكن طبيعتها‏,‏ لإقناع العملاء بشرائها‏,‏ وغالبا ما يكون التركيز علي جزء محدد من التفاصيل والعميل لا يكون مطلعا علي هذه المنتجات‏,‏ ولا يقرأ العقد‏,‏ وإذا فعل لا يفهم منه شيئا بسبب كونه معقدا ومنصوصا بطريقة غير مفهومة‏,‏ وبالتالي يوقع علي الثقة‏,‏ فيتعرض لعملية نصب وعندما يعتزم الانسحاب من البرنامج لسبب ما‏,‏ يكتشف أنه سيتم استقطاع نسبة كبيرة من مدخراته قد تصل إلي‏40%‏ فيما يعرف بأنه شرط جزائي وفي بعض الحالات التي لا يذكر العقد فيها صراحة هذه التفاصيل لا يحصل المؤمن علي شيء‏!‏

الأهرام المسائي
9.6.2013