تحليل وقياس وإدارة مخاطر شركات التأمين الإسلامي - أ.د علي قره داغي

 والمقصود بالعنوان هو :    وضع المعايير والمقاييس لكل ما يمكن أن يهدد شركات التأمين الإسلامي بالفشل والافلاس ، أو الضرر والخسارة ، أو إعاقة مسيرتها ، ونهضتها وتقدمها .
  وهذا العنوان العام يحتاج إلى دراسة مفصلة سواء كانت حول المعايير والمقاييس العلمية ، والتخطيطية ، والمحاسبية ، والإدارية ، وكيفية تطبيقها ، وبالتالي الوصول إلى نتائج محددة ، ثم البحث عن كيفية الحلول المتنوعة ، والبحث عن مكوناتها ، وأهدافها ، ومدى قدرتها على تحقيق أهدافها ، والطرق المستخدمة في تحديد أهدافها ...الخ .
  ولذلك نحدد دراستنا ببيان المخاطر التي تواجه شركات التأمين الإسلامي ، ومحاولة تحليلها وقياسها ودرجة هذه المخاطر بإيجاز مع بيان الحلول الممكنة في هذا المجال .
 منهجية البحث :
   ومن المعلوم أن هناك عدة مناهج للتقويم والتحليل في هذا المجال ، من أهمها المنهج الاستنباطي الفكري الذي يعتمد على استنباط الإطار الفكري ، والمنهج الاستقرائي[8] يتمثل في رصد الواقع والتطبيقات ، وما ترتب عليها من نتائج فيما يخص المخاطر التي تواجه شركات التأمين الإسلامي .
   ونحن نحاول أن نستفيد من المنهجين بصورة جزئية ، إذ أن الاستفادة الكاملة منهما تقتضي القيام برصد جميع شركات التأمين ، أو معظمها للوصول إلى النتائج المتكاملة ، غير أننا نعتمد على الإطار الفكري ، مع الإطار العملي والتطبيقي في حدود معلوماتنا وخبرتنا في هذا المجال ، والله المستعان .


المخاطر التي تواجه شركات التأمين الإسلامي :
  هناك مخاطر عامة تواجه شركات التأمين بصورة عامة ، وهناك مخاطر تخص شركات التأمين الإسلامي ، ونحن نبدأ بالمخاطر العامة لنتبعها بالمخاطر الخاصة . 

المخاطر العامة لشركات التأمين ( جميعاً ) :
هذه المخاطر تكمن فيما يأتي :
أولاً : الكوارث الطبيعية من عواصف وأمطار غزيرة :
  فقد أدت الكوارث الطبيعة من عواصف وأمطار غريزة وفيضانات وزلازل وثورات بركانية وموجات البرد   إلى خسائراقتصادية  كبيرة ، وانعكست آثارها على صناعة التأمين العالمية بشكل واضح ، وقد سجلت العقود الخمسة الأخيرة   من القرن الماضي وبداية القرن الحادي والعشرون إزديادا ملحوظا في عدد الكوارث الطبيعية ، ويمكن إلقاء الضوء على ضخامة الخسائر الناتجة بسبب الكوارث الطبيعية ، أن نذكر أن الخسائر التي سببتها العواصف الزوابع في شتاء عام 1990م في قارة أوربا وحدها بلغت حوالي 10 مليار دولار  ، وفي عام 1996 بلغت المطالبات الناشئة عن كوارث الطبيعة وحدها ما يقرب من 8 بليون دولار أمريكي وفي عام  2002م كما شهد العالم الفيضانات الكبيرة التي اجتاحت أوربا والعواصف غير الاعتيادية التي ضربت مناطق مختلفة من العالم ، وتسببت الخسائر المادية والبشرية الهائلة التي قدرت حسب دراسة شركة ميونخ للإعادة بحوالي 55 بليون دولار أمريكي ، وكانت الخسائر التأمينية حوالي 11.5 بليون دولار أمريكي في زلزال 1999م الذي ضرب مدينة " أزميت " في  تركيا أنهارت آلاف المباني السكنية ، وترتبت عليها خسائر كبيرة .
   والوطن العربي والإسلامي قد تأثر بعدد من هذه الكوارث من العواصف والفيضانات وبالخصوص الزلازل ، ولكن بفضل الله الوطن العربي أقل تعرضا لأخطار الطبيعة وكوارثها قياسا على أقاليم أخرى .
123 مليار دولار خسائر الكوارث عام 2004  :
   قدرت حجم الخسائر المادية الناجمة عن الكوارث الطبيعية والكوارث من صنع البشر العام الماضي بحوالي 64مليار جنيه إسترليني (123 بليون دولار)، تكبدت بسببها شركات التأمين الدولية نحو 49 مليار دولار في صورة تعويضات على الممتلكات المؤمن عليها.
   وذكرت صحيفة الحياة اللندنية انه على عكس ما قد يتبادر إلى الأذهان، فإن السبب ليس الزلزال المدمر والمد البحري (تسونامي) الذي ضرب جنوب آسيا قبل نهاية 2004 بأيام، والذي أسفر عن دمار غير مسبــوق تـاريخياً، وانما ذهبت معظم تعويضات التأمين الى مناطق في الأميركتين واليابان.
   وعلى رغم ان الدمار في آسيا اكبر بكثير، إلا ان غالبية ما دمر لم يكن مؤمّناً عليه لعدم انتشار ثقافة التأمين في المنطقة، باستثناء الشركات الأجنبية العاملة هناك.
وذكر تقرير لشركة إعادة التأمين الدولية "سويس ري" ان عدد الكوارث التي شهدها العالم في 2004 بلغ 330 كارثة، بينها 216 كارثة من صنع البشر كالحرائق والانفجارات.
وعلى رغم فارق الأرقام في عدد الكوارث، إلا ان شركات التأمين الدولية تكبدت تعويضات بنحو46 مليار دولار عن الخسائر في الممتلكات المؤمن عليها والمتضررة من الكوارث الطبيعية، في مقابل ثلاثة بلايين دولار تعويضات عن الخسائر الناجمة عن الكوارث من صنع البشر.
   وتعرضت القارة الأميركية لنحو 13 إعصاراً وعاصفة، منها إعصار "ايفان" الذي ضرب منطقة الكاريبي وخلف أضراراً هائلة.
ووصل حجم تعويضات التأمين نتيجة الكوارث الطبيعية في الأميركتين إلى 27 مليار دولار.
   وفي اليابان، أدت عشرة أعاصير وزلازل إلى أضرار ببلايين الدولارات ،إلا ان توزع الخسائر البشرية الناجمة عن الكوارث الطبيعية يختلف عن نمط توزع تعويضات التأمين، فمن بين اكثر من 300 ألف ضحية نتيجة تلك الكوارث العام الماضي، كان نصيب كارثة «تسونامي» اكثر من 90 في المائة من الضحايا البشرية ، وبلغ عدد الضحايا البشرية من بقية الكوارث الطـــبيعية في العـالم 20 ألفاً فقط.
   ولفت تقرير "سويس ري" الى ان خسائر شركات التأمين تجاوزت ضعف المعدل السنوي منذ عام 1987، والمقدر بنحو 23 بليون دولار، وذلك بسبب زيادة عدد الأعاصير والعواصف، خصوصاً في المناطق التي تشهد كثافة تأمينية، والى تركز الممتلكات المؤمن عليها في مناطق ساحلية اكثر عرضة للكوارث، أما نمط الخسائر فيظل كالمعتاد، إذ انه باستثناء تعويضات الاعتداء على «مركز التجارة العالمي» في نيويورك عام 2001، فإن الخسائر الناجمة عن الكوارث الطبيعية تفوق تلك الناجمة عن الكوارث من صنع البشر منذ عام 1989[9].

أضرار كاترينا وحدها ستبلغ 125 مليار دولار :
 ألحق إعصار كاترينا أضراراً مادية كبيرة فقد رفعت شركات التأمين الأمريكية تقديراتها للأضرار التي تسبب بها إعصار "كاترينا" وتشير التقارير الأخيرة لشركات احتساب المخاطر إلى أن حجم الخسائر المادية سيبلغ قرابة 125 مليار دولار وسيتعين على شركات التأمين دفع تعويضات تصل إلى 60 مليار دولار.
وفي حال بلغت التعويضات هذا الحجم فتكون أضرار إعصار كاترينا تجاوزت حجم الخسائر الأعلى التي تكبدها قطاع التأمين في أمريكا والتي بلغت 21 مليار دولار عام 1992 وكان تسبب بها إعصار اندرو، بحسب وكالة الأسوشيتد برس.
وقالت مصادر شركة "ريسك ماناجمنت سوليوشنز" في كاليفورنيا إنها راجعت تقديراتها السابقة بسبب الأضرار الضخمة التي تكشفت في نيوأورلينز والتي دفعت المسؤولين إلى إجبار السكان على إخلائها.   
وصرحت نائبة رئيس الشركة المذكورة، لوري جونسون، بأن "قرابة نصف الخسائر الاقتصادية يتصل مباشرة بآثار الفيضان الذي غطى المدينة.
وأضافت أن الفيضانات التي غمرت المدينة بعد خروج المياه عن ضفاف الأنهر والقنوات تجعل من الصعب بمكان تحديد الحجم الحقيقي للضرر.
وأنه كلما طال الوقت وبقيت المياه راكدة على هذا النحو سترتفع نسبة المواد السامة التي ستحتاج لوقت أطول للتخلص منها.
وقالت إن تقديرات الأضرار التي أصابت البنى التحتية والطرق والجسور وشبكات الصرف الصحي تبلغ عشرة مليارات دولار.
وتشمل الخسائر الاقتصادية المنازل المهدومة والسيارات والمرافئ البحرية والمصافي النفطية إضافة إلى العطل والضرر الناجم عن توقف الأعمال في المناطق المنكوبة والتي تشمل كل من لويزيانا والميسيسيبي وألاباما[10] .

225 مليار دولار خسائر العام 2005 :
  وقد ذكرت التقارير بأن العام 2005 كان العام الأسوأ ، حيث تكبدت المناطق المنكوبة أكثر من 225 مليار دولار خسائر ، واعتبرت أوساط التأمين في العالم عام 2005 الأكثر كلفة علي شركات التأمين بعدما سببته الكوارث الطبيعية من خسائر بلغت 225 مليار دولار. غير أن الأضرار المؤمنة كانت بحدود 80 مليار دولار. طبقاً لجداول إحصائية نشرتها أمس شركة "سويس ريه" السويسرية ثاني أكبر شركة تأمين في العالم. فإن إعصار كاترينا كان الأكثر تدميراً. وقد استحوذ وحده علي 135 مليار دولار من مجمل الأضرار. وستدفع شركات التأمين ما يعادل 45 مليار دولار منها. وهي أكبر فاتورة لكارثة طبيعية واحدة في التاريخ. قبل كاترينا كان إعصار أندرو. الذي ضرب فلوريدا. خليج المكسيك عام 1992. الأكثر كلفة بعد أن بلغت فاتورته 22 مليار دولار. وتأتي بعده هجمات 11 سبتمبر 2001. التي كلفت 21 مليار دولار. ولم تتوفر حتي الآن أرقام تتعلق بالكلفة التأمينية للحريق الهائل الذي دمر مخزناً للوقود قرب لندن مطلع الشهر الحالي. أما أضرار زلزال باكستان في أكتوبر الماضي فقد بلغت 5 مليارات دولار[11] .

خسائر زلزال باكستان والهند ومخاوف وصول الكوارث إلى الخليج :
   تشير التقديرات الأولية لضحايا الزلزال الذي ضرب الهند وباكستان أول أمس إلى وقوع مليون قتيل وجريح ومشرد مما ينبئ بكارثة إنسانية كبيرة. يأتي ذلك قبل أن يفيق العالم من آثار الكارثة التي خلفها إعصارا كاترينا وريتا اللذان ضربا جنوب الولايات المتحدة الأمريكية الشهر الماضي.
وقد أعلنت شركة ميونخ ري الألمانية أن هذين الإعصارين كلفا شركات التأمين العالمية تعويضات تقدر بحوالي 40 مليار دولار، منها 30 مليار دولار نتجت عن إعصار كاترينا، فيما تتراوح التعويضات المقدرة لإعصار ريتا ما بين 10-15 مليار دولار.
وقد أثارت تلك الخسائر المخاوف في مختلف دول العالم حول قدرة شركات التأمين على التعامل مع المخاطر الطبيعية عموماً وإمكانية توفير التعويض الكافي عنها. كما أثارت أيضاً الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة شركات التأمين السعودية على مواجهة الخسائر المحتملة إذا ما وقعت في المملكة أي من التمخضات الطبيعية التي باتت تضرب جميع دول العالم بلا استثناء؟ وما إذا كانت وثائق التأمين التي تطرحها تلك الشركات توفر غطاء تأمينياً ضد الخسائر الناتجة عن الأخطار الطبيعية؟.
وبينما ترى مصادر في سوق التأمين السعودي أنه لا توجد مخاوف على المملكة كونها موجودة في منطقة آمنة من تلك الأعاصير، فقد أكد خبراء في التأمين أنه لا توجد حالياً دولة في العالم بمنأى عن المخاطر الطبيعية مشيرين إلى أن تلك المخاطر لا تقتصر على الأعاصير فقط بل تمتد لتشمل السيول والفيضانات والعواصف الرملية والرعدية والبرد و الزلازل والبراكين، وتتسم جميعها بضخامة الخسائر الناتجة عنها.
ويشير الخبراء إلى أن المملكة تتعرض بين وقت وآخر لبعض المخاطر الطبيعية مثل السيول التي ضربت مكة خلال العام أكثر من مرة مسببة خسائر مادية جسيمة. ويلفت هؤلاء الخبراء الانتباه إلى عاصفة البرد التي ضربت منطقة الرياض يوم 24 مارس 1996 ودفع قطاع التأمين أكثر من 100 مليون ريال كتعويض عن الخسائر التي وقعت للسيارات والممتلكات والمشاريع الانشائية والطيران. وفسر الخبراء انخفاض مبلغ التعويض الذي دفعته شركات التأمين في ذلك الوقت إلى أن معظم المتضررين لم يحصلوا على تعويضات، إذ كانت الوثائق التي يحملونها في ذلك الوقت تستثني التعويض عن أضرار الأخطار الطبيعية.
ويؤكد خبراء تأمين سعوديون أن السوق استفاد من تلك التجربة حيث أصبحت الوثائق التي تصدرها الشركات السعودية للتأمين على السيارات والمشروعات الهندسية والإنشائية والمساكن والممتلكات لا تستني الأخطار الطبيعية من التعويض. وتوفر تلك الوثائق غطاء تأمينياً واسعاً ضد المخاطر الطبيعية مثل الزلازل والفيضانات والبرد والسيول والأعاصير سواء ضمن التغطية الأساسية أو كتغطية إضافية تمنحها بناء على رغبة العملاء[12].
   هذا، وقد أوضحت دراسة صدرت مؤخراً عن شركة سويس ري اكبر شركة إعادة تأمين في العالم أن عام 2004م اعتبر عاماً قياسياً فيما يتعلق بخسائر التأمين الناتجة عن الكوارث الطبيعية. وقالت الدراسة أن العالم فقد 000 300 انسان نتيجة الكوراث الطبيعية التي وقعت عام 2004 منهم 000 280 انسان مات بسبب موجات المد البحري (توسنامي) التي وقعت في المحيط الهندي وضربت دول جنوب شرق آسيا.
وأكدت الدراسة أن أسواق التأمين العالمية دفعت خلال عام 2004 تعويضات عن تلك الكوارث بلغت قيمتها 123 بليون دولار منها 49 بليون دولار دفعها قطاع التأمين على الممتلكات.
  وترى شركات تأمين الممتلكات أن عام 2004 كان بالفعل عاماً قياسياً بالنسبة للتعويضات التي دفعتها مشيرة إلى أن الأعاصير التي ضربت الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا وجزر الباهامز ودول البحر الكاريبي خلال شهري أغسطس وسبتمبر من العام الماضي كلفتها تعويضات بلغت 32 بليون دولار.
ودفعت أيضاً تعويضات قدرها 6 بلايين دولار عن الإعصار الاستوائي سنوجدا الذي ضرب طوكيو في شهر سبتمبر من العام الماضي.
وقالت الدراسة إنه نظراً لأن عام 2004 كان من أشد الأعوام ارتفاعاً في درجات الحرارة فقد وقع خلال العام 13 إعصاراً كبيراً و10 أعاصير استوائية. ويرجح خبراء التأمين أن يكون عام 2005 أحد أسوأ الأعوام التي شهدها قطاع التأمين في العالم وأن خسائره ستفوق كثيراً تلك التي وقعت خلال عام 2004م.
    فلا بد أن تدرك شركات التأمين وإعادة التأمين مدى خطورة الكوراث الطبيعية على صناعة التأمين فقد يمكن أن تعجز الشركة عن مواجهة الخسائر والأضرار التي تسفر عنها ، وتؤدي إلى دمار شركة التأمين إذا كانت هذه الخسائر أكبر من طاقتها ، ولا بد من تحقيق المتطلبات والشرائط الفنية الملائمة لطبيعة هذا الخطر ، واتخاذ الإجراءات الخاصة ووضع اللوائح والنظم التي تؤدي إلى تقليل الخسائر أو الحد منها . وإلزام المؤمن له بأن يتخذ بالقواعد والأسس الموضوعة والاشتراطات الفنية المحددة لإنشاء المباني ، وتيقيد بكل الإجراءات والتعليمات للسلام التي من شأنها تقليل الخسائر الأضرار ، وتحديد قسط التأمين المناسب المتوازن بيينه وبين طبيعة الخطر وتقدير الخسارة المحتملة وقت إصدار الوثائق[13] .

ثانياً : أخطار التكنولوجية الحديثة :
شهدت السنوات الأخيرة ازديادا بالغا في عدد من المشاريع ذات التقنية العالية والأخطار الجسيمة و في أماكن بالغة الخطورة ، مثل مشاريع توليد الطاقة الكهربائية بالطاقة الذرية / المدخنة الشمية / بفعل قوة الرياح ، والتنقيب عن النفط والغاز في البحر ، والمشاريع الهندسية الإنشائية  ، ومشاريع إنشاء الطرق والسكك الحديدة  والجسور والنفق ، ومشاريع المصانع وغيرها ،  وتؤدي مثل هذه المشاريع الخطيرة إلى حدوث مطالبات ثقيلة على صناعة التأمين سواء كان مطالبات تأمين الهندسة والاخطار المهنية أو مطالبات تأمين المسؤولية المدنية  أو مطالبات تأمين العمال أو مطالبات الحريق إلى غير ذلك ، وتؤدي شركات التأمين إلى مواجهة الأخطار ، فأصبحت الأخطار التكنولوجية الحديثة من المخاطر الكبرى أمام صناعة التأمين[14] .

ثالثاً : عوامل المناخ المتغيرة
       قد بدئ ازدياد درجة حرارة الأرض منذ عام 1880م ، حتى زادت الآن بأكثر من تسع  درجات سنتيغراد ، وهذا أدى إلى زيادة الغازات الساخنة في الجو بمقدار 50 بالمئة ، واهتماما بالموضوع اسست الأمم المتحدة  الهيئة الدولية لتغيرات المناخ في عام 1988م . التي كلفت ثلاث مجموعات لدراسة ظاهرة التبدل المناخي ، وقدمت هذه المجموعة تقريرها الأول في عام 1990م ، وذكرت المجموعة الثانية التي عمدت إلى دراسة الآثار الاجتماعية والاقتصادية لظاهرة التسخين ، أنها تؤثر أثرا كبيرا على قطاعات الزراعة وانتاج الطاقة والمياه الجوفية ، وسوف تكون المناطق الساحلية والبلدان أقل تطورا هي الأكثر تعرضا لهذه الآثار ، فتتأثر صناعة التأمين وبالتحديد تأمين الممتلكات .

وأهم عوامل المناخ المتغيرة  هي :
1.   نزول المطر العشوائي .
2.   حدوث المزيد من انزلاقات التربة .
3.   كثرة العواصف والفيضانات والكوارث الطبعية .
4.   حدوث حرائق بسبب الجفاف .
5.   تغيرات في البحار

   فتغير المناخ من  المخاطر الهامة التي تواجه شركات التأمين ، حيث هذه العوامل وغيرها تؤثر على المجالات المختلفة للنشاط البشري ، والقطاع المالي من ضمنه التأمين وبالخصوص فرع تأمين الممتلكات ، والواقع يشهد بأنه كلما زاد عدد العواصف زاد ت الخسائر الاقتصادية والتأمينية  .
  ويمكن لشركات التأمين تقليل هذا الخطر بزيادة مقدارمناسب  للتحمل الذي يدفعه المؤمن له ، وتحديد الأخطار التي تحملها الشركة  ، وعدم منح تغطية شاملة ، وتحويل الخطر أو توزيعه بإعادة التأمين ، وتحديد القسط الملائم[15] . 

رابعاً : الاحتيال على التأمين من الخارج والداخل والخيانة :
   
   حيث تتعرض كافة النشاطات الاقتصادية والصناعة المالية لمحاولات احتيالية وخيانة ، ويعتبر التأمين أحد الأنشطة الاقتصادية المهمة وهدفا رئيسا لمثل هذه  الأعمال منذ فترة طويلة ، وقد أدى إلى بروزعديد من المنظمات والهيئات والمكاتب بتركيز جهودها على دراسة هذه الظاهرة ومراقبتها ، ونظرا لطبيعته الخاصة فإنه من الصعب تحديد الخسائر عن الاحتيال على التأمين ، وعلى الرغم من ذلك فإن هيئة التعاون ضد الاحتيال على التأمين قدرت أن عمليات الاحتيال التي تمس صناعة التأمين العالمية قد تصل إلى 79 بليون دولار سنويا ، وقدر مكتب جرائم التأمين القومي الأمريكي الخسائر الناتجة عن الاحتيال بـ 20 بليون دولار سنويا ،  وقدرت جمعية المؤمنين البريطانيين أن سوق    التأمين يتعرض لعمليات احتيالية بمختلف أنواعها ربما تسبب من خسائر لصناعة التأمين البريطانية إلى ما يقرب مليون دولار سنويا ، وقد أظهرت الدراسة التي أعدت في عامي 94/95 لصالح اللجنة الأوربية للتأمينات (CEA) بأن ظاهرة الاحتيال احدى المشكلات الرئيسية وذات أهمية بالغة في صناعة التأمين في أوربا ، ولا تخلو شركات التأ مين في الدول الإسلامية والعربية من هذه الأوبئة ، بل ازدات في الفترة الأخيرة  مع ضعف الوازع الديني لدى الناس ، وحامل وثيقة التأمين قد لا يقدم على الاحتيال بصورة فردية بل غالبا ما يتم التواطؤ بين جهة أخرى ذات علاقة لاكتمال حلقة الاحتيال ، والشريك المحتل للمؤمن له قد يكون طبيبا أو محاميا أو كراج تصليح السيارات ، أو موظفا لدى شركة التأمين ،  فأكثر هذه الحالات تظهر في التأمينات الصحية وتأمين السيارات
ومن صور الخيانة و الاحتيال على التأمين :
1.   تقليل القسط المطلوب خصوصا في التأمين لجسم المركبة ( التأمين الشامل )
2.   تغطية حوادث لا تغطيها الوثائق سواء كان من صاحب الوثيقة أو الشرطة أو موظف الشركة .
3.   تقديم مطالبات عن حوادث وهمية .
4.   تعويض المتضرر بأكثر من استحقاقه .
5.   الإعفاء عن التحملات دون سبب وجيه .
6.   تحويل السيارة أو المريض إلى جهة خاصة لمصلحة شخصية .
7.   تقديم الفواتير الوهمية .
8.   التسبب في الحادث عمدا أو إتاحة الظروف المناسبة لحدوث الحادث أو اتساعه .
9.   الهروب عن دفع التحملات .

    وشركة التأمين الإسلامي أكثر عرضة لخطر الاحتيال والخيانة ، وذلك لعدم وجود مراقبة شديدة ، لاستقلال حساب المساهمين عن حساب المشتركين ، وبالتالي فإن بعضا لشركات لا تولي العناية اللازمة لهذه المسألة ، ولذلك يجب اتخاذ الإجراءات الآتية :

1. التعاون بين شركات التأمين لمنع أو تقليل حدوث الاحتيال ، وذلك بإجراء التدقيق والتحقيق وقت إصدار الوثائق والتعويض ، وعدم إظهار مرونة وتسهيلات في تقديم الخدمات وعدم تقديم تغطيات مغرية .
2. إيجاد الوسائل الخاصة بالتحري والكشف عن الاحتيال ، ودراسة الاحتمالات والافتراضات ، والمراقبة الصارمة ، وتبادل المعلومات بين الشركات .
3. اختيار الموظفين الأمناء الأكفاء ذوو خبرة في إعداد العقود وإجراء التسوية في حال حدوث المطالبات ، وجود المهندسين والمستشارين بينهم .
4.   الاعتماد على مجموعة من العقوبات المدنية ، وتصريحها في العقود[16] .
5. ترتيب القائمة السوداء لكل من ثبت عليه الغش والخيانة والكذب ، وذلك بالتعاون مع الشركات الأخرى ، والتنسيق فيما بينها ، وإخطارها بذلك ، وبذلك يكون ذلك نوعاً ن الردع لكل من تسول له نفسه أن يعمل مثل ذلك ، وتكون هذه القائمة مشتركة ومتداولة بين جميع الشركات العاملة في الدولة أو حتى المنطقة مثل الخليج .

المخاطر الخاصة بشركات التأمين الإسلامي :
  وإضافة إلى تلك المخاطر العامة التي تواجه شركات التأمين الإسلامي ، أيضاً هناك أخطار خاصة بها ، وهي :
أولاً : تحديات المنافسة مع شركات التأمين التجاري :
شركات التأمين التجاري في منافسة مستمرة  قوية مع شركات التأمين الإسلامي في السوق التأميني ، فهي تنافس في عرض الأسعار والحملات الدعائية ، والتسويق ، وكفاءة الموظفين ، وجزب الزبائن ، وتقديم الخدمات التأمينية وتوسيع مجالات التأمين ، وزيادة رأس المال ، بل أسواق التأمين في الدول العربيبة والإسلامية   بكاملها  أمام تحديات شركات التأمين الأجنبية في ظل العولمة بعد اتفاقية تحرير التجارة والأسواق المفتوحة وجهود هذه الشركات للنفاذ في سوق التأمين للدول النامية وذلك لميزاتها العديدة منها :
قدرات مالية فائقة .
تكنولوجية متقدمة ، مع قدرات عالية في تقديم البحث في صناعة التأمين 
تقديم خدمات جديدة عالية الجودة وبتكاليف تنافسية .
خبرات فنية وتسويقية مؤهلة ومدربة تدريبا عاليا .
انتماء معظم هذه الشركات لمجموعات تأمين عالمية رائدة تساندها في مجال مجال إعادة التأمين أومجال الاستثمار .
فينبغي لمواجهة هذه المخاطرة بتقوية المراكز المالية  بزيادة رأس المال ، والاندماج  بين الشركات ( كما تسعى ثلاث شركات التأمين في قطر وهي شركة الدوحة للتأمين والخليج وقطر للتأمين للاندماج ) ، ودعم الدولة للشركات الوطنية بمعالجة السياسات الضريبية ، وتعيين القيادات المتخصصة المتدربة ، وإنشاء مراكز ومعاهد تعليم صناعة التأمين وتدريب الموظفين ، و ، وتوسيع نطاقات التغطيات المستجدة حسب طلب السوق ، والحد في المنافسات الضارة[17] .
    ومن المعلوم أيضاً أن الإدارة القوية القادرة على إدارة المخاطر تلعب دورا كبيرا و عاملا هاما جدا في الحد من حدوث الأضرار أو التقليل من حجم الأضرار ورد تفاقمها ، إلا أن غالبا ما يتم تجاهلها وعدم العناية بها   ، فالإدارة الكفوءة هي التي يمكن لها دراسة الاحتمالات الافتراضية  لحدوث المخاطر قبل وقوعها والاستفادة من الأحوال والتجارب السابقة ، ووضع خطة شاملة لمنع الأضرار ، والتقليل من حجمها .
       فعلى شركات التأمين أن تفكر في حجم المسؤولية  وثقلها التي تتحملها قبل إصدار الوثائق ، والاستثمار من رأس مالها بما يمكن الحصول على أرباح تقدر بها على مواجهة الخسائر المستقبلية الممكنة ، ونقل الأخطار أو توزيعها بإعادة التأمين ، مع دراسة بدائل أخرى لنقل الأخطار[18] .
ثانياً : عدم وجود شركات إسلامية قوية لإعادة التأمين ، مما تضطر إدارة الشركة الإسلامية إعادة التأمين في شركات التأمين غير الإسلامي التي قد لا تقبل بالشروط المطلوبة .
  وهذا يتطلب تعاون جميع الشركات الإسلامية تعاوناً وثيقاً لايجاد شركات إسلامية قوية جداً ملتزمة بالضوابط الشرعية في التأمين ، والعمل الجاد الموازي مع الشركات الكبرى العالمية للتأمين لفتح فروع ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية الغراء ، وهناك جهود مكثفة واتصالات بيننا وبين بعض هذه الشركات العالمية لايجاد مثل هذا الحل إلى أن تنشأ الشركات الإسلامية العملاقة في إعادة التأمين .
ثالثاً : مخاطر الفصل بين حساب الشركة ، وحساب التأمين :
  من المعلوم في التأمين الإسلامي أن هناك حسابين حساب للشركة باعتبارها شركة مساهمة ولها شخصية مالية مستقلة ، وحساب التأمين (هيئة المشتركين ، وحملة الوثائق صندوق التأمين ، أو المشتركون)[19] .  
  فهذان الحسابان هما اللذان يتحملان المخاطر ، أما المساهمون فلا يتحملون شيئاً سوى القيمة الاسمية للأسهم التي دفعوها ، أو سيدفعونها ، حيث إن جميع القوانين الوضعية على الاعتراف بالشخصية الاعتبارية والمعنوية لهذه الشركات ، وبالتالي الفصل الكامل بين الذمة المالية للشخص والذمة المالية للشركة ، فلا تحمل احداهما بما للآخر أو على الأخرى ، وقد اعترف الفقهاء المسلمون المعاصرون بهذه الشخصية المعنوية[20] .
  وكذلك حملة الوثائق المشتركون في التأمين بعدما دفعوا أقساطهم إلى حساب التأمين فلا يسألون أكثر من ذلك مع أن مقتضى التأمين الإسلامي أن لا تكون الأقساط ثابتة ، بل تكون قابلة للزيادة ، بحيث يرجع إليهم عند عدم اكتفائها بالمصروفات والتعويضات ، ولكن جرى العرف الحالي على أن الشركة الإسلامية أيضاً تقوم بإجراء دراسات إحصائية ( اكتوارية ) تحدد من خلالها الأقساط المناسبة المطلوبة ، وبالتالي فلا يرجع عليهم .
  وبالتالي تكون المسؤولية المباشرة على الشركة وحساب التأمين .
  ثم إن الشركة المساهمة هي الواجهة القانونية والوكيلة من الناحية الشرعية ، لذلك فهي التي تطالب أمام الدائنين والشركات ، والمحاكم ، ولكنها تعود وترجع إلى حساب التأمين بكل التعويضات والمصاريف ، فإن كان فيه ما يكفي فبها ونعمت ، وإلاّ فإنها تقرض حساب التأمين ما يحتاج إليه ، ثم تسترد خلال زمن مناسب .
  فعلى ضوء ذلك وجدت الشركة نفسها أمام مخاطر الإقراض في حالة عدم قدرة حساب التأمين على عدم الوفاء .

والحل لذلك هو ما يأتي :
1)  السعي الجاد الحثيث لاستراتيجية قوية في إعادة التأمين من حيث الجانب الفني والتقني ، ومن حيث قوة الشركات الخاصة بإعادة التأمين .
2)  السياسة الحكيمة لترتيب فائض تراكمي ممتاز ، كما هو الحال في الشركة الإسلامية القطرية للتأمين ، حيث وصل الفائض التراكمي إلى أكثر من (60) مليون ريال مع توزيع (16%) كفائض في هذا العام (2005م) وتوزيع (1.5%) كربح صاف على المساهمين .
3)  التفكير في صندوق مشترك بين شركات التأمين الإسلامي يكون بمثابة صندوق التعاون والسيولة بضوابط شرعية وفنية .
  ويترتب على هذا الفصل أيضاً أنه قد لا نجد الاهتمام المناسب من مجلس الإدارة بأموال حساب التأمين من حيث التعويض ، والصرف ونحو ذلك ، باعتبار أن الفائض ليس للشركة ، وإنما يكون لحملة الوثائق .
وهذا يعالج بالبعد الديني ، والروح الإسلامية لدى مجلس الإدارة ، والوعي بان قوة الحساب هي قوة الشركة .
والحل العملي : هو اعتماد هيئة مصغرة تتكون من كبار المشتركين ، تمثلهم ، وتدافع عن حقوقهم ، ويكون في مجلس الإدارة ممثل واحد أو أكثر يكون له صوت فيما يخص حساب التأمين .
  إضافة إلى تفعيل دور الهيئة الشرعية للدفاع عن حقوق المشتركين ، وحمايتها بكل الوسائل المتاحة .

رابعاً : مخاطر الاستثمار :
  ومن المعلوم أن الشركات الإسلامية للتأمين تستثمر أموالها ، وأموال حساب التأمين في استثمارات اسلامية لا تخلو من مخاطر على عكس شركات التأمين التجاري التي تتعامل مع البنوك الربوية بالاقراض بفائدة مضمونة ، وفي المقابل تكون أرباح الاستثمارات الإسلامية أكثر .
  وأياً كان فإن هذه المخاطر موجودة فلا بدّ من البحث الجاد لايجاد حلول مناسبة لها ، وهي تكمن في الأخذ بنظر الاعتبار بما لدى البنوك الإسلامية من إجراءات تحفظية ، وإنشاء إدارة خاصة بالاستثمار والائتمان تعتمد على دراسة الجدوى ، وتوزيع المخاطر والاستثمارات والحصول على الاستثمارات التي تعتبر الأكثر اطمئناناً .

خامساً : مخاطر عدم الالتزام بأحكام الشريعة :
  بما أن شركات التأمين الإسلامية ملتزمة بأحكام الشريعة الإسلامية ، ولها هيئة شرعية للفتوى والرقابة الشرعية ، فإذا قامت بمخالفة شرعية فإن الهيئة الشرعية تلغي اثار هذا العقد ، وبالتالي قد يؤدي ذلك إلى حرمان الشركة من مكاسب وتحملها خسائر .
  ومن هنا لا بدّ أن تكون الشركة حريصة على تفعيل دور الهيئة الشرعية ، ووجود تدقيق شرعي داخلي لمنع المخالفة ، وكشفها بسرعة لايجاد الحلول من خلال تغيير العقود ونحوها .

سادساً : المخاطر القانونية :
  أقصد بالمخاطر القانونية مخالفة القوانين في نصوصها الخاصة بالتأمين ، وبالشروط والضوابط والشكليات التي تخص التعويض والاستثناءات ، فمثلاً فإن القوانين تشترط أن تكون الاستثناءات والشروط الخاصة بارزة وواضحة ، وبخط كبير ، أو خط أحمر ، فمثلاً فإن القانون الفرنسي في مادته (8) من قانون التأمين الصادر في 13/6/1930 اوجب أن تكون الوثيقة مكتوبة بحروف ظاهرة ، وفي المادتين (5) و (9) أوجب أن تكون الشروط ومدة العقد مكتوبة بحروف ظاهرة كل الظهور ، وإلاّ لم يجز الاحتجاج بها على المؤمن له ،  وعلى مثل ذلك نص القانون المدني المصري في مادته (750) ومعظم القوانين العربية[21] .
  فقد حدث في إحدى الشركات أن بعض الاستثناءات المهمة قد كتبت بخط صغير في الوثيقة ، وحينما حدثت الخسارة وكانت كبيرة وفيها الديات بمئات الآلاف من الريالات اعتمدت المحكمة على الغاء هذه الاستثناءات وعدم اعتمادها لأن القانون يشترط كتابتها بشكل بارز وواضح .  

سابعاً : مخاطر الجوانب الإدارية والتخطيطية والمالية :
  وأعتقد أن من أهم الأخطار التي تواجه شركات التأمين الإسلامي هو الجانب الإداري الشامل للتخطيط والنظم واللوائح الإدارية والمالية والائتمانية ....
  هذا الجانب وإن كان لا يخص شركات التأمين الإسلامي بل يهم جميع شركات  التأمين ، لكني ذكرته هنا لأهمية الإدارة في التأمين الإسلامي ، حيث يحتاج إلى عناصر كفوءة مخلصة فيعلمها متخصصة في وظيفتها، ومن المعلوم أن الحصول على من يجمع بين الاخلاص والاختصاص ليس سهلاً في المؤسسات المالية الإسلامية .
  ولأهمية العنصر البشري في النجاح والنصر ، والتقدم والنهوض ( أو بالعكس ) يقرن الله تعالى بين نصره وبين نصر المؤمنين الملخصين حيث يقول : ( هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ)[22] .
  ومن هنا فلا تبنى الشركات القوية على أكتاف الضعفاء الذين يحتاجون إلى من يحملهم ويحل مشاكلهم ، بدل أن يحملوا هم الشركة وينهضوا بها ويطوروها ، ويحلوا مشاكلها .
  وتدخل في الجانب السابق كل ما يخص علم الإدارة والتخطيط والاحصاء ، والتحليل المالي ، ونظم المراجعة والمحاسبة والائتمان ، و....
  كما يرتبط بهذا الموضوع وضوح أهداف الشركة ورسالتها ، ووسائلها وتنمية مواردها ، ووجود قوانين ولوائح مالية وإدارية وعقابية تحدد الحقوق والواجبات بوضوح ، وتلتزم بها الشركة التزاماً كاملاً دون خروقات ولا وسائط .
  ويرتبط بذلك تنمية الموارد البشرية ـ بعد حسن الاختيار ـ من خلال التشجيع على التعلم الذاتي ، ومن خلال ايجاد فرص التدريب في مختلف مجالات التأمين ( كل في مجاله ) .
  فأي خلل في هذه الجوانب يعتبر من أهم المخاطر التي تهدد شركات التأمين الإسلامي بعواقب وخيمة ، فمعظم الشركات والبنوك العملاقة تنهار بسبب وجود خلل في هذا الجانب الإداري والبشري ....
  ومع ذلك فلم أر أحداً ممكن كتبوا عن المخاطر ركزّ على هذا الجانب الخطير الذي يعدّ بحقّ : أُمّ المهالك والمخاطر . 
   
منهجيتي في قياس وتقويم المخاطر التي تهدد شركات التأمين الإسلامي :
    هذه المخاطر البالغ عددها إلى أحد عشر خطراً تحتاج في قياسها وتقويمها إلى دراسات ميدانية دقيقة ، أعترف بأنها لم تتوافر لي ، وإنما أعتمد على دراستي ، وخبرتي النظرية والعملية في هذا المجال ، لعلها تكون نبراساً لدراسات أكثر دقة وعمقاً ، وواقعية وبياناً للواقع .
  أبذل جهدي لبيان إعطاء الأوزان المناسبة لكل خطر ، حيث إن كل خطر في داخله يعطى له وزن تقديري وهو مائة درجة ، وتوزع هذه الدرجات داخلياً ـ كما سنرى ـ ثم يعطى لكل خطر وزنه ودرجته في مقابل المخاطر الأخرى ، حيث تكون أوزان هذه المخاطر كلها مائة درجة ، على ضوء الجدول الآتي :


م
القياس والتقويم الداخلي
قياس وتقويم المخاطر


1


مخاطر الكوارث


20%
أ ـ  الزلازل
50%
ب ـ العواصف والأعاصير
50%
    المجموع                         
100%


2



أخطار بسبب التكنولوجيا الحديثة



15%
   أ ـ الطاقة الذرية                               
33%
   ب ـ الطاقة الكهربائية                          
10%
   ج ـ التنقيب عن النفط والغاز وغيرهما        
10%
   د ـ المشاريع العملاقة                          
47%
   المجموع                                         
100%


3


مخاطر المناخ المتغير



10%
   أ ـ نزول المطر العشوائي وما يترتب عليه       
10%
  ب ـ انزلاقات التربة                               
10%
  ج ـ حرائق بسبب الجفاف                           
30%
  د ـ تغييرات في البيئة بحراً وجواً وبراً           
50%
  المجموع                                             
100%


4



مخاطر الاحتيال والخيانة






16%
أ ـ تقليل القسط المطلوب                            
13%
ب ـ عدم تغطية بعض الحوادث                     
11%
ج ـ حوادث وهمية                                  
12% 
د ـ التعويض الأكثر من استحقاقه                    
13%
هـ ـ الاعفاء عن التحملات القانونية ، أو العقدية   
05%
و ـ تحويل السيارة أو المريض إلى جهة خاصة    
10%
ز ـ تقديم الفواتير الوهمية                           
10%
ح ـ التعمد في الحادث                               
11%
ط ـ حيل أخرى                                     
15%
المجموع                                            
100%

5

تحديات المنافسة مع شركات التأمين التجاري




5%
أ ـ قدرات مالية فائقة                                
20%
ب ـ تكنولوجيا متقدمة                               
20%
ج ـ تقديم خدمات جديدة عالية الجودة              
20%
د ـ خبرات فنية تسويقية                            
20%
هـ ـ انتماء معظمها إلى شركات عالمية           
20%
المجموع                                           
100%

6

عدم وجود شركات إسلامية قوية لإعادة التأمين

100%

5%
المجموع
100%

7

مخاطر الفصل بين حساب الشركة وحساب التأمين


13%
أ ـ عدم قدرة حساب التأمين على التغطية
80%
ب ـ عدم العناية القصوى من مجلس الإدارة
20%
المجموع
100%

8

مخاطر الاستثمار

100%

2%

9

مخاطر عدم تطبيق الشريعة

100%

2%

10

مخاطر عدم تطبيق القانون

100%

5%

11

مخاطر الإدارة والتخطيط والمالية هذه فيها تفاصيل كثيرة

100%

7%

المجموع
100%







   هذا الجدول الذي وضعته في نظري ومن خلال خبرتي يمثل القياس والتقويم للمخاطر السابقة ، وكما قلت : يمكن أن يعتبر ما ذكرته مجرد مؤشر ينظر في تفاصيله نظرة تحليلية قائمة على دراسات أكثر ،وتحليلات أدق ، فذلك جهدي المقل أسأل الله تعالى أن أؤجـر عليه .

وأخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين




([1]) لسان العرب ، والقاموس المحيط ، والعجم الوسيط مادة ( حلل )
([2]) يراجع : المعجم الوسيط ط. قطر (1/194)
([3]) يراجع :  د. أحمد حسن أحمد ، ود. أمين علي نديم : الطب النفسي ،ط. عالم الكتب ، أم درمان ص 17 وما بعدها
([4]) يراجع : القاموس المحيط ، ولسان العرب ، والعجم الوسيط ، مادة ( قاس )
([5]) المصادر السابقة ، مادة ( دار )
([6]) المعجم الوسيط ( 1/303)
([7]) المصادر السابقة ، مادة ( خطر)
([8]) يراجع : كتب مناهج البحث
([9]) انظر : جريدة الحياة اللندنية في 6/3/2005 ، وشبكة الأخبار العربية ، واسلام أون لاين ، والجزيرة نت
([10]) انظر : www. arabic.cnn.com
([11])www.mottaheda.com.eg/news2.asp?id=5558&topic و جريدة الجمهورية في 24-12-2005
([12])  انظر : جريدة الرياض اليومية  السبت 8 من ذي القعدة 1426هـ - 10 ديسمبر 2005م - العدد 13683 ، ومع  www.alriyadh.com/2005/12/10/article114323.html

([13])  الكوارث الطبعية وأثرها في صناعة التأمين في عام 2002 / سعد جواد علي / الرائد العربي / العدد 78 ، و أخطار الطبيعة  والتحدي الدائم لصناعة التأمين / عبد اللطيف عبود / الرائد العربي العدد  57
([14]) سوسن جناد : أخطار التكنولوجيا الحديثة ، مقالتها في الرائد العربي العدد 62
([15])عوامل المناخ المتغيرة وأثارها على صناعة التأمين   / عبد اللطيف عبود / الرائد العربي  العدد 35
([16])الاحتيال على التأمين / فرانسيز هول ( ترجمة سعد جواد على ) /الرائد العربي / العدد 54  ، الاحتيال على التأمين من الداخل والخارج / الرائد العربي / المحرر / العدد 68
الكوارث الطبيعة  
([17])  خيري سليم  : التحديات التي تواجه أسواق التأمين العربية  في ظل العولمة ، في مجلة  الرائد العربي / العدد 70
([18]) المرجع السابق نفسه
([19]) كلها بمعنى واحد يقصد بها الحساب الذي تدخل فيه أقساط التأمين وتصرف منه المصاريف والتعويضات .... يراجع :  الدكتور علي القره داغي : التأمين الإسلامي ، ط. دار البشائر الإسلامية
([20]) يراجع : الدكتور علي القره داغي : مبدأ الرضا في العقود ، دراسة مقارنة ، ط. دار البشائرالإسلامية (1/349)
([21]) د. السنهوري : الوسيط ، ط. دار النهضة العربية ( 7/1194 – 1198)
([22])  سورة لأنفال / الآية62