تأمين السفر في سوريا – أسئلة الكثيرين

قبل كل شيء لابد من الإشارة إلى أن وثيقة تأمين السفر تحمي صاحبها (المؤمن له) من عدة أخطار قد يتعرض لها أثناء تواجده  في زيارة خارج بلده أو خارج مكان إقامته، فشركة التأمين تقوم مثلاً بدفع النفقات الطبية الناجمة عن إصابة المؤمن له بحادث مفاجئ ليس له أية علاقة بحالة مرضية سابقة أو مزمنة، مثل حادثة سقوط أو تسمم غذائي أو حرق وغيرها من حوادث قد تصيبه خلال فترة  التأمين والتي تكون فعالة مع تاريخ يحدده صاحب الوثيقة مبيناً تاريخ سفره ومدة إقامته في الدولة التي يرغب بالسفر إليها بشرط ألا تتجاوز مدة إقامته فيها أكثر من 90 يوماً في البلد الواحد ولسفرة متواصلة وإلا بات يعتبر صاحب الوثيقة مقيما في تلك الدولة ولا يحتاج إلى تلك الوثيقة


اللقاء الأول
تم اللقاء الأول بين المواطن السوري وهذه الوثيقة قبل أن يسمح بإنشاء شركات تأمين خاصة غير المؤسسة السورية العامة للتأمين، وكانت صاحبة الفضل في هذا اللقاء معاهدة شينغن، فبدأت سفارات دول أوروبا الخاضعة لشروط هذه  المعاهدة تدرج هذه الوثيقة ضمن سلسلة طلباتها ممن يودون الحصول على تأشيرة (فيزا) لإحدى هذه الدول.

دخول القطاع الخاص
وبدات مكاتب السفر ومكاتب الترجمة والخدمات الملاصقة للسفارات بتأمين هذه الوثيقة من شركات التأمين اللبنانية بأي ثمن كان نظراً لأنها غير متوفرة لدى المؤسسة العامة للتأمين حينها وسعياً نحو تحقيق الأرباح المخيفة من مجرد تعبئة الوثيقة، وحين دخل القطاع الخاص على سوق التأمين السورية، ولدت سوق منافسة لنظيرتها اللبنانية وباتت المنافسة أضعف بقليل لدى جيران السفارات . وأصبحت اللعبة منظمة بشكل أفضل بكثير من سابق عهدها، وساعدت السفارات على ذلك خصوصا عندما حصرت اعتمادها لهذه الوثائق من الشركات السورية فقط، حينها كان العديد من الدول الجديدة قد انضم لمعاهدة شينغن وبات طالبو هذه الوثيقة أضعافا مضاعفة.

لماذا تلزم السفارات طالبي الفيزا بهذه الوثيقة؟

من المعروف أن معظم مشافي دول أوروبا تتعامل مع مراجعيها ومرضاها من المقيمين بالتأمين وليس بالنقد، والمواطن الذي لا يملك وثيقة تأمين صحي هو نادر أو بالأحرى هو مواطن من الدرجة الثالثة أو الرابعة، والغني عن الذكر هو  تكلفة المشافي والطبابة  التي تعتبر باهظة  حتى لدى مواطني الدرجة الأولى هناك، لذا فإن هذه السفارات لا تريد أي نوع من أنواع التشويه لصورتها الحضارية ونظامها المثالي من خلال حالات شاذة لمن قد يسافر زيارة إلى إحدى دولها ويضطر لدخول المشفى دون أن يملك أجرة يوم واحد، إذا.. لا يمكن أبداً أن ننكر هذه الحاجة للوثيقة والتي تحمي ليس فقط الدولة المستضيفة ومشافيها من مثل هذه الحالات بل إنها تحمي الضيف نفسه أيضاً (المسافر.

إلى أوروبا
يتجه السيد رياض إلى السفارة ويحصل على قائمة الشروط الخاصة للحصول على فيزا شينغن، رياض يرغب بزيارة نجله في أوروبا وهو بانتظار وصول دعوة الزيارة التي قام نجله بإرسالها للسفارة، يعلو القائمة – عبارة تأمين صحي . يتوجه السيد رياض إلى إحدى شركات التأمين التي ورد اسمها في القائمة لدى السفارة، ويطلب السؤال عن التأمين الصحي، يقوم أحد موظفي الشركة بتوجيهه لقسم التأمين الصحي، هناك يتفاجأ السيد رياض بأنه قد أرسل إلى الشخص الخاطئ بعد أن أدركت الموظفة في الشركة بأن السيد رياض لا يسأل عن التأمين الصحي  بسبب رغبة منه في الحصول على عقد تأمين صحي شامل داخل الأراضي السورية أو خارجها، بل يريد أن أن يسافر إلى أوروبا فتقوم بتوجيهه إلى زميلتها في تأمين السفر وهو ما يمكن اعتباره في بعض الأحيان شقا من التأمين الصحي وتأمين الحياة، السيد رياض متحمس لمعرفة إلى أي حد ستصل تكاليف هذه الرحلة.

السؤال المتكرر
كم تكلفة 10 أيام إلى برلين ؟ كان هذا سؤال السيد رياض ومازال هذا أول سؤال يسأله أكثر من 1000 مسافر شهرياً من أمثال السيد رياض، بسبب هذا السؤال يتلقى السيد رياض درسا في الثقافة التأمينية لن ينساه وسيرويه لاحقا لابنه في برلين فور وصوله، تقوم الموظفة بالاستفسار عن مدة الزيارة التي سيطلبها من السفارة وعن التاريخ المتوقع للسفر، للأسف لا يملك السيد رياض سوى أن ينفجر غضبا على الموظفة ويطلب منها أن تخبره عن تكلفة أقل مدة ممكنة، تصر الموظفة على معرفة المدة الحقيقية وعلى تاريخ السفر.

صديقنا حائر
لم تكن الموظفة شديدة اللوم على السيد رياض، فهو ليس لديه أدنى فكرة عن التاريخ الذي يجب أن يحدده لاحقاً في المقابلة التي ستحددها له السفارة فيما بعد وليس لديه أية فكرة عن التاريخ المتوقع للحصول على الفيزا حتى، وفوق كل هذا لا يعلم عن الفترة التي ستسمح له السفارة بقضائها في برلين مع نجله، ولكن كان على الموظفة أن تشرح له كل هذا وأن تخبره بأن ليس أمامه سوى أن يتوقع تاريخاً يستطيع السفر فيه وأن يكون بعد موعد مقابلة السفارة بفترة لا تقل عن 14 يوماً، وضرورة الحصول على وثيقة تأمين تغطي كامل الفترة التي ينوي قضاءها في الخارج، ... هذا حال عدد كبير من مراجعي تلك السفارات عدا سفارة واحدة، بكل بساطة تلك الأخيرة لا تقوم بطلب تأمين السفر سوى عندما يحصل  صاحب الطلب على الفيزا، فبكل بساطة أيضاً تقوم السفارة بإعطائه نسخة عن الفيزا وتحتفظ بجواز سفره ريثما يقوم بإحضار بوليصة تأمين تغطي الفترة التي حصل عليها في الفيزا.


بتاريخ مختلف
من المضحك أكثر أن السفارة عندما تبلغ السيد رياض بأنها قد وافقت على طلب الفيزا ولكن بتاريخ مختلف عن الذي طلبه أو بمدة مختلفة فإنها تمهله دقائق ليتوجه لشركة التأمين ويقوم بتعديل أو إصدار بوليصة جديدة والعودة لاستلام جواز السفر، وإلا فإن عليه الانتظار حتى بداية الدوام الرسمي بداية الاسبوع القادم، وهنا نسينا أن نخبركم بأن السيد رياض هو من محافظة الحسكة !! وفي يوم من الأيام قامت إحدى الموظفات في إحدى القنصليات بالاتصال بإحدى شركات التأمين طالبة تفسيرا حول سبب إصدار بوليصة تأمين تزيد مدتها عن المدة التي وافقت عليها السفارة؟، كانت إجابة الموظف في تلك الشركة  تليق بصاحبة الاستفسار وهو بأن صاحب البوليصة كان هو من طلب تلك المدة وأنه حتى ولو أن البوليصة باتت تزيد على الفترة التي حصل عليها من السفارة فهو بإمكانه الاستفادة من هذه البوليصة في بيروت أو أنقرة مثلاً وهذا لا يضر بالجهة التي أصدرت التأشيرة، وليس عليهم القلق سوى في حال كانت البوليصة لا تغطي كامل فترة الزيارة أو التأشيرة.

يتعارض مع مبدأ السفر
ومن أجدر الطرف الروتينية بالذكر التي تتكرر هو أن إحدى هذه السفارات أيضاً تقوم بطلب وثيقة تأمين السفر لمدة خمس سنوات أو ثلاثة أو اثنتين من الطلاب الراغبين بالدراسة في أراضيها، وهذا ما يتعارض تماماً مع أساس ومبدأ تأمين السفر الذي تحدثنا عنه في الأسطر الأولى من المقدمة، والشركة تقوم بتوضيح ذلك مراراً وتكراراً للطلاب وتشرح لهم بأن المفترض هو طلب تأمين سفر لأول ثلاث أشهر فقط من تاريخ الوصول لأن بعدها على الطالب أو المقيم أن يصبح لديه تأمين صحي كامل وشامل داخل أراضي تلك الدولة وأنه يصبح بمثابة المقيم وليس المسافر هناك.

طبعا لا يمكن أن نتجاهل أيضاً أن شركة التأمين ملزمة بإجراء أي تعديل بعد إصدار البوليصة في حال أن الموافقة على التأشيرة قد جاءت بما يخالف الفترة أو التاريخ الذي ورد سابقاً في البوليصة، وطبعاً هي ملزمة أيضاً بإعادة قسط التأمين في حال حصول المراجع على كتاب رفض لأحد الأسباب، وبعض السفارات لا تقوم بالتزويد بكتاب الرفض، وهنا على موظف التأمين نبش جواز السفر للتأكد من سبب طلب صاحبه لاسترجاع قيمة البوليصة وهو أنه  لم يحصل على التأشيرة مثلاً بعض السفارات تطلب تأمين السفر لخمس سنوات أو ثلاث أو اثنتين من الطلاب الراغبين بالدراسة في أراضيها وهذا يتعارض تماماً مع مبدأ تأمين السفر

 احمد ناجي
الشركة المتحدة للتأمين
 24/10/2011