منتج "الخطر القابل للتأمين": هل يمكن تطبيقه على عمليات التكافل؟

تعد فكرة "الخطر القابل للتأمين" insurable interest واحدة من القضايا الرئيسية التي تم التعامل معها في صناعة التأمين منذ أن تم تبني فكرة التأمين في المجتمع الحصيف. وعلى الرغم من قدرة مبدأ التكافل على إثبات وجوده كخطة بديلة لممارسات التأمين في أواخر القرن العشرين، إلا أن مسألة استخدام منتج "الخطر القابل للتأمين" في ممارسات التكافل لم تحسم بعد. وربما يعود ذلك إلى الارتباكات المتنوعة التي تنتاب بصورة متساوية الباحثين والممارسين، على حد سواء في مجال التكافل.
ومن شروط "الخطر القابل للتأمين" أن تكون للمستأمن مصلحة مباشرة فيما أمن عليه مثل أن يكون الأصل المؤمن عليه مملوكاً له أو يكون مرهوناً عنده بدين، ويشترط أن تكون هذه المصلحة موجودة عند وقوع المكروه. فإن وجدت عند إنشاء بوليصة التأمين (مثل أن يؤمن على بيت مملوك له) ثم لم توجد عند وقوع الحريق (كأن يكون قد باع ذلك المنزل) لم يستحق التعويض. والغرض من هذا الشرط ألا يكون التأمين وسيلة للإثراء غير المشروع.

ومع ذلك، تسعى هذه الدراسة إلى تحليل الشرط الحالي المطروح في قانون التأمين الماليزي، وإذا ما كان من الممكن تطبيقه في ممارسات التكافل المعاصرة، وإن لم يكن ذلك ممكناً، فما الحل البديل في الشريعة الإسلامية لمسألة "الخطر القابل للتأمين" التي يمكن أن تلائم عمليات التكافل في الواقع؟
شروط تأمين "الخطر القابل للتأمين" المطروحة في قانون التأمين الماليزي:
1- تبطل بوليصة التأمين على الحياة المتعلقة بالشخص المستفيد من التأمين, ما لم تكن للشخص المستفيد من التأمين مصلحة فيه. ولا بد أن تكون أموال البوليصة قابلة للدفع على شكل أقساط. مع العلم أن قيمة الحسم لجميع الأقساط المستقبلية ضمن بوليصة التأمين على الحياة يجب ألا ّ تتجاوز مبلغ الخطر القابل للتأمين عند وقوع الضرر الذي ينتج عنه دفع أموال البوليصة.
2- يجب أن يعتبر الشخص مالكاً لبوليصة "تأمين ضد الخطر" القابل للتأمين التي تخص شخصاً آخر، إن كان ذلك الشخص الآخر:
أ‌- زوجة/ زوجاً، أو ابناً، أو موصى عليه وقاصراً في الوقت الذي يطلب فيه التأمين.
ب‌- موظفا لديه.
هل يمكن تطبيق تلك الشروط السابقة في عمليات التكافل؟ تحليل.
لا يمكن فعل ذلك للأسباب التالية:
1- كون هذا الشرط يشكل أمناً منخفضاً على حياة المستأمن، حيث يمكن لذلك أن يعطي فرصة للمشتركين لاكتساب الأموال عن طريق استغلال حياة الآخرين.
2- كونه يتناقض مع البنود المتعلقة بالهبة والوصية.
3- كون ملكية المنفعة من البوليصة غير أكيدة (غر). وتعد معاملة تجارية تنطوي على عنصر الغرر وهي محرمة في القوانين الإسلامية.

البديل المقترح لعملية تكافل: إلقاء ضوء إجرائي على العملية.
1- في حالة امتلاك الشخص شهادة تكافل لممتلكاته القانونية، فإن حامل الشهادة سيمتلك تأميناً ضد" الخطر القابل للتأمين" على ممتلكاته في حالة ظهور الخطر المحدد عليها مع قابلية الدفع له.
2- يجب على الشخص, الذي يمتلك شهادة تكافل على حياته الخاصة، أن يمتلك بوليصة "تأمين ضد الخطر" على تلك الحياة في حالة ظهور الخطر المحدد عليه، ويجب توزيع تعويضات الشهادة، في حالة الوفاة، وفقاً لمبادئ علم الفرائض، ويدفع له مبلغ التعويض على الشهادة في حالة كونه حيا.
3- إذا كان الشخص مالكاً لشهادة تكافل على حياة شخص آخر سواه، أو على ملكية عامة تستخدم لأغراض نبيلة (مثل مسجد، أو مدرسة، أو مراكز إعادة تأهيل، أو دار أيتام، أو دار للرعاية المسنين، أو مركز للاجئين... إلخ)، فإنه يجب على حامل شهادة التكافل ألا يمتلك بوليصة تأمين ضد الخطر القابل للتأمين في هذه الظروف المذكورة أعلاه، على الرغم من أنه قام بنفسه بدفع مبلغ المساهمة. ويجب معاملة المبالغ المالية المتوقعة من دفعات المساهمة في هذه الحالة على أنها إما هبة، أو وصية، أو وقف، أو صدقة، حيث يمكن من خلال بوليصة تأمين ضد الخطر القابل للتأمين، أن تبقى مع الشخص أو الممتلكات الذين اشتروا الشهادة.
التبريرات:
(1) إذا رغب الشخص في التأمين على حياته الخاصة أو ممتلكاته عن طريق شهادة التكافل ضد خطر محدد، فهذا حقه الشرعي. وخلصت الشريعة الإسلامية، إلى أنه، إذا قام شخص بمبادرة لحماية نفسه أو ممتلكاته للاستفادة من خطر غير متوقع ولكنه محدد، فمن الأفضل أخذ المبادرة للحماية قبل وقوع الخطر.
(2) ولكن إذا كان الشخص يحمل شهادة التكافل لشخص آخر سواه، أو ممتلكات بهدف ممارسة حق الخطر القابل للتأمين على حياة الآخرين أو ملكيته التي ينكر ملكيتها، فإن ذلك يشبه كسب شيء نتيجة لاستغلال حياة الآخرين أو ممتلكاتهم. وهذا مرة أخرى غير مقبول في تعاليم الشريعة الإسلامية.
(3) ولكن إذا رغب الشخص في امتلاك شهادة التكافل على حياة الآخرين، أو على ممتلكات عامة تستخدم لأغراض نبيلة، فإن المساهمات التي قام المالك المشترك بدفعها يجب أن تعامل على أنها صدقة لصالح الشخص أو الملكية التي تم شراء الشهادة لأجلها. وفي الحالة المذكورة أعلاه، فإن المساهمات التي يتم دفعها تكون على أساس الالتزام الأخلاقي أو الديني، حيث يمكن لدافع المساهمات أن يتوقع الأجر من الله - عز وجل - فقط.
ومذكور هنا بالفعل أنه على الرغم من احتمال كون الشروط الحالية الحديثة التي تؤثر في الخطر القابل للتأمين غير مبررة لسوق التكافل، إلا أن ذلك لا يعني أنه ينبغي رفض فكرة الخطر القابل للتأمين بأكملها، حيث إن من المفهوم أن مسألة الخطر القابل للتأمين ضرورية للحفاظ على الفوائد المترتبة على الخطة. وهكذا، فإنه يجب أن يتم تصميم بوليصة تأمين ضد الخطر القابل للتأمين المبررة من الشريعة الإسلامية بحيث تضمن أداء عمليات التكافل بجوهر ذي مغزى.
جريدة الإقتصادية